روابط المواقع القديمة للحزب
بلاغ اللجنة المركزية بمناسبة 100 عام على تأسيس الحزب الشيوعي اليوناني
"يأتي الحزب الشيوعي اليوناني من بعيد و يذهب بعيداً،
و ذلك لأن قضية البروليتاريا، أي الشيوعية،
هي أشمل القضايا الإنسانية و أعمقها و أوسعها".
(من برنامج الحزب الشيوعي اليوناني)
أ. مع إكمال الحزب الشيوعي اليوناني قرنا من حياته، يبقى حزباً فتياً و طليعة ثورية في النضال من أجل الاشتراكية – الشيوعية.
يُكمل الحزب الشيوعي اليوناني هذا العام قرنا من النضالات والتضحيات، ويبقى الحزب الوحيد الفتي حقا في المجتمع اليوناني، لأنه الوحيد الذي يكافح من أجل القضاء على استغلال الانسان للإنسان. وقد تأسس في عصر وهج ثورة أكتوبر الاشتراكية عام 1917 الذي منح زخما للحركة العمالية الثورية على الصعيد الأممي وفي اليونان.
ومع تأسيس الحزب الشيوعي اليوناني، امتلكت الطبقة العاملة لأول مرة حزبها في بلدنا. و منذ اليوم الأول لتأسيسه، يكافح الحزب الشيوعي اليوناني باستمرار من أجل المستقبل التقدمي الوحيد للبشرية، من أجل إنقاذ الطبقة العاملة والشرائح الشعبية من معاناة الاستغلال والاضطهاد والفقر والبطالة و عنف الدولة و قمعها، و من الحروب.
و يكافح الحزب من أجل القضاء على جميع أشكال الاستغلال والاضطهاد، من أجل تنظيم جديد للمجتمع، مع ملكية اجتماعية لوسائل الإنتاج و الأرض و تخطيط مركزي علمي للاقتصاد، و مشاركة فعالة للعمال في تنظيم وإدارة الإنتاج الاجتماعي.
يكافح من أجل الاشتراكية – الشيوعية، المجتمع الوحيد القادر على تأمين العمل للجميع رجالاً و نساءاً، وفقا لاختصاصهم، مع وقت حر حقيقي، و التمتع بمستوى عال من الخدمات الاجتماعية المجانية في مجالات الصحة والتعليم والرياضة والنشاط الثقافي والسكن الشعبي، و إجازات عطلة ومستوى معيشي مرتفع عموما، ومشاركة مسؤولة في هيئات الحكم والرقابة في مستويات الدولة العمالية.
و رفع الحزب الشيوعي اليوناني عالياً و بثبات راية الاشتراكية - الشيوعية، حتى وقت ذروة انقلاب الثورة المضادة في الاتحاد السوفيتي و غيره من بلدان البناء الاشتراكي.
و كان الحزب ممتلكاً و بشكل جماعي للمعيار الطبقي الضروري، حيث اصطدم في نهاية المطاف اصطدم مع عداء الشيوعية، والانتهازية المحلية والدولية، التي قدمت "البيريسترويكا" مطية الثورة المضادة، باعتبارها تقدماً و تجديداً للاشتراكية.
و اصطدم مع المدافعين البرجوازيين والانتهازيين عن النظام الرأسمالي الذين ادعوا قدوم "نهاية التاريخ" و نهاية الصراع الطبقي. وأبرز استحالة استطاعة أي أحد إيقاف مسار الصراع الطبقي الثوري في التطور التاريخي نحو الاشتراكية – الشيوعية.
و أظهر أن الاشتراكية، طور باكورة الشيوعية الغير ناضج، لا تزال ضرورية وواقعية وواعدة. و أضاء على أن ضرورتها لا تعتمد على ميزان القوى الوقتي للصراع الطبقي في بلد ما أو عالمياً، الذي هو و دون شك عامل حاسم، من أجل وقت تمظهر الثورة الاشتراكية و ماهية مقدمات إمكانية انتصارها في بلد أو في مجموعة بلدان.
و أبرز أن الطبقة العاملة، التي تخلق المنتج الاجتماعي، هي القوة الاجتماعية الوحيدة القادرة على تنظيم الاقتصاد والمجتمع بدافع تلبية الحاجات الاجتماعية المتنامية باضطراد. هي الطبقة القادرة على حساب مصالح الشرائح الشعبية في المدينة والريف بنحو صائب، و تأمينها.
إن الحزب الشيوعي اليوناني يعتقد راسخا بحق وقدرة الطبقة العاملة على معرفة العالم وتغييره، و يناضل منذ أول لحظة تأسيسه من أجل إعداد اﻷخيرة من خلال النضالات الطبقية اليومية، كقوة قيادية في البناء الاشتراكي. و يطالب ويكافح من أجل تطوير المعارف العلمية للعمال والعاملات وقدراتهم الطبيعية والفكرية، من أجل تنميتهم الثقافية و رعاية معيارهم الجمالي. ويؤكد على أهمية استخدام الطبقة العاملة للكتاب، والتقنيات الجديدة، وشبكة الإنترنت، و يسهم في ذلك.
لقد أبرز الحزب الشيوعي اليوناني و يبرز تعفن الرأسمالية، و ركودها النسبي وأزمتها، مقارنة بالتقدم الممكن إحرازه، إذا ما ألغيت الملكية الرأسمالية ودافع الربح.
و في المقام الأول، أضاء الحزب الشيوعي اليوناني عبر مواقفه و نشاطه أن الطريق الوحيد المؤدي نحو التحرر الاجتماعي هو طريق الثورة الاشتراكية، طريق الانتفاضة والهجوم المخططين و المنظمين للطبقة العاملة و حلفائها اﻹجتماعيين، من أجل إسقاط سلطة طبقة الرأسماليين.
و يناضل الحزب الشيوعي اليوناني يوميا من أجل تطوير العامل الذاتي (الحركة العمالية، التحالف مع قطاعات شعبية من الشرائح الوسطى)، لكي يتجاوب مع مهمته بمثابة قوة مرشدة للثورة الاشتراكية الظافرة، وقت تزعزع السلطة الرأسمالية. و يخوض المعركة يومياً، إحقاقاً بالممارسة لدوره الطليعي باعتباره مالك رؤية، و لكن كمنظم للصراع من أجل الإسقاط الثوري والجذري للرأسمالية وبناء الاشتراكية – الشيوعية.
ب. مسار الحزب الشيوعي اليوناني تاريخياً إلى اليوم، هو مسار نضالات و تضحيات
1. إن العاصفة الثورية التي أثارتها ثورة أكتوبر الاشتراكية سرَّعت تأسيس حزب اليونان العمالي الاشتراكي (ح.ي.ع.إ) في 17 نوفمبر 1918 في بيرياس. حيث طرحت على أساس علمي للمرة الأولى مسألة كفاح الطبقة العاملة من أجل إسقاط المجتمع الرأسمالي، في صالح الشيوعي.
و كانت السنوات الأولى عبارة عن مسار صعب، و نضوج تدريجي مع نقاط تحول تمثلت في: إعادة تسميته بإسم الحزب الشيوعي اليوناني (خلال مؤتمره الاستثنائي اﻠ3، المنعقد 26 تشرين الثاني\نوفمبر - 3 كانون الأول\ديسمبر 1924)، وتحديد صحيفة "ريزوسباستيس" كلسان حال اللجنة المركزية (1 آب\أغسطس 1921)، و تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي اليوناني (نهاية كانون الأول\ديسمبر 1922) و النجدة العمالية اليونانية (28 تشرين الثاني\نوفمبر - 5 كانون اﻷول\ديسمبر 1924).
و ناضل الحزب ضد الآراء التفكيكية الانفلاشية و في وقت لاحق ضد التروتسكية، مع قيامه بخطوات لترسيخ ملامحه الثورية كحزب من طراز جديد، بما في ذلك، اعترافه بالمركزية الديمقراطية ومبدأ التنظيم و الوظيفة الجماعيين، و الجمع بين النشاط العلني و السري، والتيقظ تجاه نشاط العدو الطبقي.
لقد حاول الحزب الشيوعي اليوناني و باتساق منذ تأسيسه، نحو إبراز الدور التاريخي للطبقة العاملة، وقدرتها كطبقة ثورية على الاستحواذ على سلطتها و ممارستها. و اصطدم مع الأحزاب البرجوازية التي تريد الطبقة خاضعة و مُضللة تستجدي الفتات الذي يسقط من مائدة الربحية الرأسمالية، و التي تريد للطبقة العاملة إراقة دمائها من أجل مصالح الإمبرياليين و تناقضاتهم.
و جمع الحزب داخله، بين عمال طليعيين مناضلين كما و مفكرين، و توجه بثقة من النساء العاملات، والشبان و الشابات المتحدرين من أسر عمالية و شعبية. و عبر أعضائه و نفوذه قام بتنظيم و إسناد نضالات مطلبية قاسية من أجل يوم عمل 8 ساعات، كما و من اجل ظروف العمل والرواتب والأجور، وحقوق النساء، وحماية القاصرين، والصحة العامة والتعليم. و تمثل أحد الأهداف الأولى، منذ تأسيس (ح.ي.ع.إ) في فصل الدولة عن الكنيسة، والاعتراف بالأطفال المولودين خارج الزواج، و غيرها.
و استحوذ على روابط قوية مع الطبقة العاملة، لأنه، معربا عن مصالحها التاريخية، تصدَّر في كل معركة مطلبية و تنظيم الحركة العمالية النقابية يوميا وفي كل الفترات التاريخية الحاسمة. و دون وجود هذه الروابط الوثيقة لكان في غير استطاعة الحزب أن يصمد أمام الضربات المتواصلة والاضطهاد الممارس من قبل الطبقة البرجوازية بهدف إضعاف الطابع الثوري للحزب الشيوعي اليوناني، و تهميشه أو حتى لتفكيكه.
و في الوقت ذاته أظهر الحزب الشيوعي اليوناني سبيل وضرورة التحالف مع الشرائح الشعبية في المدينة والريف، و صغار الكسبة في مختلف قطاعات الاقتصاد، وخاصة مع صغار و متوسطي المزارعين الذين شكلوا لسنوات عديدة أغلبية المزارعين في اليونان، لكي يقود نضالهم المشترك ضد خصمهم المشترك، رأس المال، نحو تحقيق المهمة التاريخية للطبقة العاملة و نحو المصلحة الموضوعية لهذه الشرائح في انضمامها إلى الإنتاج الاجتماعي المباشر.
2. إن الحزب الشيوعي اليوناني طوال مساره التاريخي، و على الرغم من نقاط ضعفه وأخطائه، لم يحن رأسه أمام الخصم الفعلي، سلطة رأس المال. واصطدم و يصطدم عبر كافة الأشكال مع دكتاتورية رأس المال مستخدماً كل صيغ الصراع، على حد السواء في ظروف العمل السري المديد اﻷعوام، و أيضاً ضمن ظروف العمل العلني المديد ضمن إطار الديمقراطية البرلمانية البرجوازية أو خلال تعليقها الذي يجري وفق حاجات النظام البرجوازي. و كان دائماً، حزباً للنشاط الكفاحي، ذي جذور عميقة ضاربة في صفوف الطبقة العاملة والشرائح الشعبية عموماً، مع التزامه بالنضال من أجل الاشتراكية.
تأسس الحزب الشيوعي اليوناني، في بلدٍ شهِد تأخراً في نمو وتركيز الطبقة العاملة، مقارنة من البلدان التي شكَّلت مهد الحركة العمالية الثورية، الشيوعية. و تأخر فيه، أيضاً، نشر الأعمال الأساسية و الإعلانات الشيوعية العلمية، باللغة اليونانية. و على الرغم من كل ذلك، بدأ الحزب منذ سنواته الأولى، محاولةً ترجمة و إصدار ونشر الأعمال الرئيسية للنظرية الماركسية اللينينية الشيوعية الكونية و تعميمها شعبياً. و أسهمت قواه أيضا بشكل حاسم في الإبداع الثقافي وفي قضايا جوهرية لتحسين التعليم في بلدنا.
و من خلال إصدار صحيفة "ريزوسباستيس" و مجلة "كومونيستيكي إبيثيوريسي" (يناير 1921) باعتبارهما ناطقتين باسم اللجنة المركزية، أبرز الحزب مسائل الاستغلال الرأسمالي في اليونان، والدور الطليعي للطبقة العاملة و الضرورة التاريخية للثورة الاشتراكية.
وكافح الحزب ضد الظلامية والآراء المسبقة والنظريات والممارسات ضد المرأة، و الانهزامية و القدرية والفردانية، و أبرز أهمية التضامن العمالي الشعبي.
و أسهم بنحو حاسم خلال ظروف الصراع الحزبي الداخلي الجاري حول توجهه الثوري في الكشف عن طابع الحروب الإمبريالية وفي الجهود البحثية الأولى للمقاربة الماركسية للتاريخ اليوناني و هي التي كانت طليعية حقاً في عصرها.
و حاول الحزب الشيوعي اليوناني خلال معظم مساره التاريخي البطولي الشديد الإضطراب، لعب دوره بوصفه الحامل السياسي للوحدة الجدلية للنظرية الثورية والممارسة السياسية الثورية، و ذلك، على الرغم من بعض المعالجات الاستراتيجية الإشكالية في فترات مختلفة.
وأبرز إمكانيات البلاد اﻹنتاجية الغير مُستغلَّة على النقيض من نظرية "اليونان الصغيرة الفقيرة البائسة" و كشف عن طبيعة التحالفات الإمبريالية التي تشارك فيها الطبقة البرجوازية المحلية. وكشف عن الطابع الرأسمالي للدولة، كدكتاتورية لرأس المال في اليونان مع أو بدون الملِك، أمع البرلمانية أو مع تعليقها المؤقت وقت صيغة الدكتاتورية العسكرية، و غيرها.
3. لقد دعم الحزب الشيوعي اليوناني كفاحياً و بثبات أول دولة للسلطة العمالية في التاريخ العالمي، روسيا السوفييتية، ومن ثم الاتحاد السوفييتي. و منذ تأسيسه، كافح ضد السياسة البرجوازية اليونانية المعادية للسوفييتية، و التي تمظهرت بعدة أشكال، و أيضاً عبر المشاركة اليونانية في غزو 14 دولة ضد أوكرانيا عام 1919. هذا و رأى الحزب الشيوعي اليوناني خلال دفاعه عن الاتحاد السوفييتي و عموماً عن البناء الاشتراكي في القرن اﻠ20، الأمر الرئيسي: أي صراع المجتمع الجديد، الاشتراكي - الشيوعي، ضد المجتمع الرأسمالي القديم، لذا، فقد كافح بثبات و اتساق ضد العداء للشيوعية و السوفييتية المتمظهر من جانب القوى السياسية البرجوازية و التيار الانتهازي في الحركة العمالية، و ناضل ضد الإصلاحية والمصلحية المهنية الضيقة.
و منذ سنواته الأولى، أدان حملة الجيش اليوناني في آسيا الصغرى، و استراتيجية "الفكرة العظمى" البرجوازية التي خدمت التطلعات الإمبريالية للطبقة البرجوازية اليونانية إلى جانب دول "اﻹتفاق الودي" الرأسمالية العاتية كبريطانيا وفرنسا. وكشف بنحو ناجز نحو الشعب عن خطر اندلاع حرب امبريالية كبيرة جديدة في الثلاثينيات. إننا بصدد مواقف ميَّزت موقف الحزب الشيوعي اليوناني الأممي البروليتاري، منذ سنواته الأولى.
و كافح الحزب و يكافح ضد تيارات القومية والكوسموبوليتية، البرجوازية، التي هي وجهان لعملة السياسة الرجعية الواحدة. و كشف ويكشف عن أهداف التطلعات البرجوازية، التي تحاول صفَّ الطبقة العاملة خلف أهداف الاستراتيجية البرجوازية في كل بلد، و تقسيمها فوق أساس التناقضات الجارية بين المراكز الإمبريالية. وعارض الحزب خط " إننا ننتمي الغرب" وبعد ذلك نظريات البرجوازية الصغيرة حول التناقضات بين "المركز - الأطراف"، و بين "الشمال - الجنوب"، وغيرها.
وبعد عام ونصف من تأسيسه، شارك الحزب الشيوعي اليوناني في المؤتمر التأسيسي للاتحاد الشيوعي البلقاني. كما قرر قطع العلاقات مع الأممية الثانية (1919)، والانضمام إلى الأممية الثالثة (1920) مع استكمال انضمامه لها ضمن مسار معين، باعتباره الفرع اليوناني للكومنترن (نهاية 1924). وأعرب باستمرار عن تضامنه مع نضالات الطبقة العاملة على الصعيد الأممي، و مع الشعوب المكافحة من أجل تحررها القومي، و من أجل الاشتراكية. و لقي خلال المراحل الحرجة والصعبة من نضاله، دعم الحركة الشيوعية الأممية. و كان لمشاركة الحزب في اﻷممية الشيوعية، بمعزل عن إسهامها الإيجابي، تأثير هام في صياغة رؤية استراتيجية - من خلال عملية متناقضة - وضعت هدفاً متمثلاً بسلطة من طراز وسيط على أنها انتقالية نحو السلطة الاشتراكية. و بالتأكيد، إن أسباب هذا المسار الذي يُظهر عدم استيعاب و عدم سيطرة التجربة الإيجابية لثورة أكتوبر، تتطلب دراسة أكثر عمقاً، و هي التي نواصلها كحزب.
4.و ترتبط بالعطاء التاريخي للحزب الشيوعي اليوناني، ليس فحسب كل الخطى الكبرى المتعلقة بالتنظيم النقابي للطبقة العاملة في اليونان، بل و في المقام الأول ترسيخ التوجه الطبقي للحركة العمالية. حيث عارض الحزب في الممارسة تقسيم العمال على أساس الدين والعرق والجنس و كافح من أجل وحدة الطبقة العاملة ضد عدوها الطبقي. و حارب القدرية و الانهزامية التي كانت واسعة الانتشار داخل صفوف اللاجئين، الذين شكَّلوا مانح الدم للحركة العمالية في اليونان قبل الحرب العالمية الثانية. حارب خط نقابيي أرباب العمل و الإصلاحية داخل الحركة، مع استخدام صيغة كونفدرالية عمال اليونان الوحدوية. و تمثلت ذروة نضالات تلك الفترة بالإضرابات والتظاهرات البطولية في شهر أيار\مايو 1936 في ثِسالونيكي. حيث أسهمت بوجه خاص قوى إتحاد الشباب الشيوعي اليوناني في النضال المتعدد الاوجه الذي خاضه الحزب الشيوعي اليوناني.
و على مدى فترة ما بين الحربين، كافح الحزب الشيوعي اليوناني بنحو بطولي ضد الآليات القمعية من أرباب العمل والدولة الرأسمالية البرجوازية، و قانون فينيزلوس "العرفي" و على نحو أشمل ضد سياسة الاضطهاد والاغتيال والسجن والتشريد. و باشر بإعداد الشعب ضد الحرب الإمبريالية الوشيكة، مع الجمع بين المعركة ضد القومية والدفاع عن المطالب العمالية والفلاحية، و الشبابية و ضد عدم إنصاف المرأة.
و في ذلك الوقت، حيث كان النضال من أجل الأجور يترافق مع وقوع قتلى وسجناء و جرحى، كان الحزب يبني منظماته و يزيد من نفوذه وتأثيره في نقابات العديد من القطاعات، كعمال التبغ، والنسيج و البحارة.
و كانت مناهضة قوى الحزب الشيوعي اليوناني لخط التعاون و الوفاق الطبقي مستمرة، على الرغم من أوجه القصور في مواجهة القوى الاشتراكية الديمقراطية، التي خلقها تكتيكه.
و برز من صفوفه أبطال و بطلات بنحو جماهيري، منهم أولئك الذين سُطِّر اسمهم في التاريخ وغيرهم كثيرون آخرون ممن بقيوا مجهولين، و هو الذين لم يترددوا عن بذل حياتهم، و تحمل التعذيب، مع نكران الذات و وعي بالمسؤولية تجاه الطبقة العاملة و الشرائح الشعبية.
هذا و أبدت ديكتاتورية مِتاكساس (4 آب\أغسطس 1936)، التي خدمت تحصين سلطة الطبقة البرجوازية، هوساً خاصاً ضد الحزب الشيوعي اليوناني، عبر ممارسة ملاحقات و اغتيالات واسعة النطاق ضد كوادره و أيضاً عبر اعتماد طرق جديدة للتعذيب والإكراه على توقيع على تصاريح الندم، و عبر مكيدة تأسيس "لجنة مركزية" للحزب الشيوعي اليوناني في السجن و عزل أمينه العام نيكوس زاخارياذيس والعديد من أعضاء مكتبه السياسي و لجنته المركزية.
5. هذا و لاقت بداية الحرب العالمية الثانية الإمبريالية ومشاركة اليونان فيها مع بداية الحرب اﻹيطالية اليونانية (28 تشرين الأول\أكتوبر 1940) الحزب الشيوعي اليوناني، مصاباً بنحو ثقيل من قبل ديكتاتورية مِتاكساس. وعلى الرغم من كل هذا، جرت محاولة من اللحظة الأولى، حينها لقيام مداخلة للحزب، لاعطاء توجه لكفاح الشعب ضد الغزو الأجنبي، عبر ثلاث رسائل وجهها نيكوس زاخارياذيس. و بالتأكيد لم تخلو هذه المحاولة من التناقضات والمشاكل التي احتوتها استراتيجية اﻷممية الشيوعية في تلك الفترة، فيما يتعلق بطابع الحرب و بربط الصراع ضد الحرب الإمبريالية مع النضال من أجل إسقاط سلطة رأس المال.
6. و تمكن الحزب الشيوعي اليوناني خلال فترة اﻹحتلال من إعادة تشكيل منظماته و أن يتصدَّر النضال الجماهيري السياسي المسلح من أجل التحرر الوطني، عبر تأسيس جبهة التحرير الوطني و جيش التحرير اليوناني الشعبي و منظمة الشبيبة اليونانية الموحدة و منظمة التضامن العمالي، في اليونان المحررة، و برز بالتالي كقوة سياسية طليعية و مانح الدم للنضال. و خاض معركة جبارة ضد الجوع والتجنيد، على عكس الأحزاب البرجوازية التي هرب قادتها إلى الخارج، في حين بقي قسم منهم متعاوناً مع المحتل.
و لم يتمكن الحزب الشيوعي اليوناني تحت تأثير خط استراتيجية الحركة الشيوعية الأممية (كالمؤتمر السابع للأممية الشيوعية) والاستراتيجية التي عالجها عام 1934 (في الاجتماع الموسع السادس للجنة المركزية) وعام 1935 (مؤتمره السادس) في الممارسة، من ربط النضال البطولي للتحرر الوطني مع حيازة السلطة العمالية، مما كان نتيجته عدم التجاوب مع الوضع الثوري المتشكل في اليونان خلال التحرير. و كان الحزب الشيوعي قد قبل بتوافقات قبل التحرير، عبر إدراج جيش التحرير اليوناني الشعبي في غرفة العمليات البريطانية في الشرق اﻷوسط من خلال اتفاقيات لبنان وكازيرتا. و شارك الحزب الشيوعي اليوناني و جبهة التحرير الوطني بوزراء لهما في تشكيل حكومة "الوحدة الوطنية" في الفترة سبتمبر-ديسمبر. 1944. و على الرغم من ذلك، كان الصدام حتمياً.
حيث رفض الحزب الشيوعي اليوناني قبول الشروط المفروضة من قبل حكومة "الوحدة الوطنية" (المتشكلة وفق اتفاقية لبنان) و عنفها. و اختار خوض نضال عظيم استمر 33 يوما خلال شهر كانون اﻷول\ ديسمبر 1944 ضد الطبقة البرجوازية وبريطانيا العظمى، التي تدخلت بناء على دعوة من يورغوس باباندريو بهدف إلى سحق حركة جبهة التحرر الوطني والحزب الشيوعي اليوناني.
و على الرغم من ان الحزب كان قد وقع على اتفاق فاركيزا (شباط\فبراير 1945)، فهو لم يرضخ في نهاية المطاف، ونظم كفاح جيش اليونان الديمقراطي الشعبي المسلح لمدة ثلاث سنوات (1946-1949). و كان هذا النضال المجيد يعبر عن مصالح الغالبية العظمى من السكان ضد مصالح مستغليها ومضطهديها و شكَّل ذروة تمظهر الصراع الطبقي في اليونان خلال القرن اﻠ20.
لقد واجه جيش اليونان الديمقراطي الطبقة البرجوازية المحلية، و كل القوى السياسية ( من"اليمين" و "الوسط")، و واجه دولتهم و قواهم الحليفة، أي دولتي بريطانيا والولايات المتحدة، الرأسماليتين. حيث لم يكن بإمكان الطبقة البرجوازية في اليونان أن تنتصر، دون الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي المقدم لها من هاتين الأخيرتين.
و اختارت الحركة الشعبية في مواجهة معضلة :"الخضوع أم تنظيم النضال والهجوم المضاد"، الطريق الثاني. إن جيش اليونان الديمقراطي هو الدليل الأكثر قطعاً على أن التناقضات الاجتماعية لا يمكن أن تُحشر ضمن بدعة ما يسمى ﺒ"وحدة الروح القومية" وإلغاء الخطوط الطبقية الفاصلة. إن جيش اليونان الديمقراطي حَفِظ شرف الشعب والحزب الشيوعي اليوناني.
6. و بعد هزيمة جيش اليونان الديمقراطي تواجد الحزب الشيوعي اليوناني في عقد اﻠ50 في ظروف عمل سري مواجها للجرائم التي نظمتها الدولة البرجوازية و أحزابها. حيث تواجد عشرات الآلاف من الشيوعيين و المناضلين في ظروف اللجوء السياسي و المنافي و السجون، و واجهوا كتائب اﻹعدام بشموخ.
و ارتفعت في وجه الحزب الشيوعي اليوناني مهمة الجمع بين العمل السري و الشرعي. لكي يُعاد تنظيم الحركة العمالية الشعبية. حيث قادت الخيارات المسيطرة في الحركة الشيوعية الأممية و آثارها على الحزب خلال ظروف هزيمة الحركة ولا شرعيتها، نحو مسار من التحريفات. و تمثلت محطاتها اﻷساسية في: قرارات الاجتماع الموسع اﻠ6 للجنة المركزية عام 1956- و الذي أدان في جوهره خيار الكفاح المسلح 1946-1949 و قاد نحو توافق صراع الحزب الشيوعي اليوناني مع الطبقة البرجوازية – و كما و مقررات الاجتماع الموسع اﻠ8 للجنة المركزية لعام 1958 مع أعلى خطأ أساسي تمثل في قرار حل منظماته السرية في اليونان، و انتقال أعضاء الحزب إلى اليسار الديمقراطي الوحدوي.
و لم يكن إسهام اليسار الديمقراطي الوحدوي كقوة اشتراكية ديمقراطية -كتحالف في البداية و من ثم كحزب موحد- في تطوير تحركات عمالية و فلاحية و شعبية و طلابية، في أي حال من اﻷحوال، تعويضاً عن فقدان استقلالية الحزب الشيوعي اليوناني الإيديولوجية والسياسية والتنظيمية. حيث لم تخدم هذه القرارات المحددة حاجة صياغة جبهة تحالف اجتماعي و صراع من أجل اﻹلتفات ضد العدو الفعلي، أي ضد الطبقة البرجوازية و أحزابها و حلفائها الإمبرياليين.
و بعد الحرب و ضمن ظروف قاسية للعمل السري العميق وعلى الرغم من وجود انحرافات و وجوه ضعف أيديولوجية سياسية و تنظيمية، عارض الحزب الشيوعي اليوناني انضمام اليونان لحلف شمال الاطلسي الإمبريالي و إقامة القواعد العسكرية الأمريكية. وأظهر دور الحلف الخطير وعارض بشدة مشاركة اليونان في الحملة الإمبريالية ضد كوريا.
كما و كشف بنحو ناجز عن طابع المجموعة الاقتصادية اﻷوروبية كتحالف إمبريالي، وأثّر بنحو حاسم في تموضع اليسار الديمقراطي الوحدوي ضد انضمام اليونان لها، و هو الذي تركّز في توصيف المجموعة ﺒ"جُب الأسود”.
7. و منذ في اليوم الأول لفرض الدكتاتورية العسكرية على مدى السنوات السبع (1967-1974) طرح الحزب الشيوعي هدف إسقاطها. وكان الحزب الوحيد الذي لم يوكل للعامل الإمبريالي إسقاط المجلس العسكري، و لا حصراً للقوى السياسية البرجوازية، بل للكفاح المنظم من اﻷسفل ضد الدكتاتورية كانتفاضة شعبية، دون استبعاد ضرورة المواجهة المسلحة أيضاً. هذا و تصدرت قوى الحزب و من ثم الشبيبة الشيوعية اليونانية تنظيم الصراع ضد الديكتاتورية حيث تعاظم إسهامها أثناء احتلال كلية الحقوق و خلال انتفاضة البوليتِخنيّو في تشرين الثاني\ نوفمبر 1973.
و على الرغم من حل المنظمات الحزبية و الانتشار الطويل اﻷمد لأعضاء الحزب ضمن اليسار الديمقراطي الوحدوي، فقد كان الحزب الشيوعي اليوناني ممتلكاً لجذور متينة في المجتمع اليوناني، و لمرجعية الاعتراف بالماركسية - اللينينية كنظرية كونية له و للأممية البروليتارية و ضرورة الصراع من أجل الاشتراكية.
و تمثل حدث ذي أهمية تاريخية في مسار الحزب الشيوعي اليوناني في انعقاد الاجتماع الموسع اﻠ12 للجنة المركزية عام1968 والذي حُسمت ضمنه استمراريته التاريخية، مع إدانة الزمرة الانتهازية التي سعت إلى إيقاف وجوده كحزب عمال ثوري من طراز جديد.
و من ثم، تمثلت إحدى أهم القرارات في تأسيس منظمات للحزب في اليونان من أجل استعادة الحزب الشيوعي اليوناني لاستقلاليته التنظيمية، كما و بتأسيس الشبيبة الشيوعية اليونانية عام 1968. وبفضل هذه القرارات، تمكن الحزب الشيوعي اليوناني و الشبيبة الشيوعية اليونانية من أن يشكلوا روح النضال ضد الديكتاتورية الذي تطلّب عن جديد، نكراناً للذات و بطولة و إخلاصاً متسقاً من جانب أعضائه و كوادره.
و أقرّ الحزب خلال مؤتمره التاسع عددا من التغييرات الإيجابية وتصحيحات للتقديرات، فيما يتعلق بالاعتراف بالخطأ الأساسي المتمثل في إلغاء المنظمات الحزبية. و مع ذلك، لم يمس المؤتمر باستراتيجية "مرحلتي العملية الثورية الواحدة"، في حين لم يتمكن من إجراء تقييم صحيح لتطور الرأسمالية اليونانية ولموقع اليونان في النظام الرأسمالي الدولي.
هذا و تحددت محاولة الحزب الشيوعي اليوناني لدراسة التطورات و رسم و تنفيذ استراتيجية ثورية بنحو ناجع، بدرجة كبيرة من من الرؤى الاستراتيجية المتتالية لكل من الأممية الشيوعية و من ثم للحركة الشيوعية الأممية، و هوالذي شكل جزءاً متسقاً معهما ولا يتجزأ عنهما .
إن إبراز معايير خاطئة ضمن الحركة الشيوعية الأممية لفترات طويلة حول تحديد طابع الثورة، كما هو المستوى الأدنى لتطور قوى الانتاج في بلد رأسمالي (والتفوق الكمي للمزارعين) بالمقارنة مع القوى القيادية في النظام الإمبريالي الدولي وتوازن القوى الدولي السلبي، قاد نحو استراتيجية المراحل، والمطالبة بسلطة وسيطة طوباوية قائمة بين السلطة البرجوازية والعمالية مع دعم تشكيل حكومة فوق أرضية الرأسمالية.
ومع ذلك، بقي الحزب الشيوعي اليوناني منتصب القامة في الصراع الطبقي و كافح ضد "الشيوعية الأوروبية" (التخلي عن ضرورة الثورة الاشتراكية و عن الدور الطليعي للطبقة العاملة) و دافع عن النظرية الماركسية اللينينية الكونية.
8. وكان الحزب الشيوعي اليوناني هو الحزب الوحيد في 24 تموز\يوليو1974 الذي وصف كتداول توافقي، استبدال حكم المجلس العسكري ﺑ"حكومة الوحدة الوطنية"، معلناً أن الشعب اليوناني "لم يضحي بدمه من أجل تمويه نيره" وكان ممتلكاً لجهوزية فورية للاستحواذ على قوننته بحكم الأمر الواقع عن طريق عودة اﻷمين العام الأول للجنته المركزية، خاريلاوس فلوراكيس و غيره من أعضائها. هذا و شكل قبول حكومة "الوحدة الوطنية" لشرعنة الحزب الشيوعي اليوناني تطوراً لا يمكن تجنبه، في حين عبر ذلك أيضاً عن سعي الأحزاب البرجوازية نحو التمكن من احتواء الحزب في حاجات الديمقراطية البرلمانية البرجوازية.
و مع إعادة إنطلاق نشاطه الشرعي عام 1974، وضع الحزب الشيوعي اليوناني تأسيس منظمات حزبية في كل مكان مع منظمات الشبيبة الشيوعية، باعتباره هدفاً مباشراً، و خاصة في مواقع العمل و مواقع تعليم الشباب، مع إعادة تأسيس روابطه مع أكثر قطاعات الطبقة العاملة والقوى الشعبية، طليعية، و ذلك في ظروف حيث أسند النظام السياسي البرجوازي علناً، الزمرة الانتهازية التي غادرت الحزب عام 1968، باسم "الحزب الشيوعي اليوناني الداخلي".
و على الرغم من ذلك، لم يكن الحزب الشيوعي اليوناني مستعداً أيديولوجياً و سياسياً، بنحو مناسب، لمواجهة التشكل اﻹنقضاضي لتيار الاشتراكية الديموقراطية المتمثل في الباسوك، الذي وُظّف بمثابة قطب آخر لنظام الثنائية الحزبية البرجوازي السياسي. إن حزب الباسوك الذي برز في الحكم عام 1981، ثبُت كأداة قيّمة للنظام من أجل احتواء وتشويه أي تجذير كان قد تطور في الحركة العمالية الشعبية و الطلابية و النسائية، و التلاعب بها. و أسهم النشاط الطليعي لأعضاء وأصدقاء الحزب الشيوعي اليوناني و الشبيبة الشيوعية في إكساب هذه الحركات سمة جماهيرية و توجهاً مناهضاً للإمبريالية، و ذلك و بالـتأكيد في ظروف هزائم لحقت بالإمبريالية الدولية، و خصوصا بالولايات المتحدة (على سبيل المثال، في فيتنام). و جرى أيضا خلال ظروف إدارة كينزية، انتزاع و منح مكاسب معينة مع تقدم بعض عمليات التحديث المفيدة للقوى العمالية الشعبية (على سبيل المثال في قانون الأسرة والقانون المدني لصالح المرأة، وترسيخ بعض الحقوق النقابية و غيرها). هي إدارة كانت تخدم حاجات محددة لإعادة الإعمار الرأسمالي بعد الحرب وحتى في ظروف صعود هيبة النظام الاشتراكي، مع عنصر نفوذ له متمثل في السياسة الاجتماعية الاشتراكية.
و في أواخر عقد 1980، قادت في نهاية المطاف الرؤية البرنامجية الإجمالية للحزب الشيوعي اليوناني حول المراحل والتحالفات الموافقة لها، إلى تشكيل إئتلاف اليسار والتقدم، الذي "انزلق" تدريجيا نحو أسلوب وظيفة حزب موحد. هذا و كان اختيار تأسيسه و مشاركته الخاطئة في تشكيل الحكومات البرجوازيةَ: تزانِتاكيس (الجمهورية الجديدة و إئتلاف اليسار والتقدم) و زولوتاس (الجمهورية الجديدة و الباسوك و إئتلاف اليسار والتقدم) يعبران عن تعزيز التيار الانتهازي، و في ذات الوقت، يعززان هذا التيار على نحو أبعد في قيادة الحزب الشيوعي اليوناني و صفوفه. حيث قدَّم هذا الوضع إمكانية تعزيز هجمة الطبقة البرجوازية من أجل تفكيك الحزب الشيوعي، و هي التي جرى تخطيطها من قبل قوى حليفة ضمن الائتلاف في شراكة مع كوادر قيادية و غيرها من الكوادر في الحزب. هذا و لاقى انتصار الثورة المضادة في أواخر عقد اﻠ80 الحزب الشيوعي اليوناني و قد تزعزعت وحدته الأيديولوجية، مع تبعات لذلك على الشبيبة الشيوعية اليونانية، مما أدى إلى اندلاع أزمة عميقة، هددت كِلا استمرارية وجود و نشاط الحزب المستقل، بعينهما، خلال ظروف أزمة مع ظواهر انحطاطية ضمن الحركة النقابية.
و قاوم الشيوعيون والشيوعيات في المؤتمر اﻠ13 (شباط\فبراير 1991) ضغوط القوى الاشتراكية الديمقراطية و البرجوازية في إطار ائتلاف اليسار والتقدم و نقضوا تطلعات الطبقة البرجوازية نحو انقياد الحزب الشيوعي اليوناني تدريجيا نحو انتشاره الكامل في ائتلاف اليسار و نحو تفككه الذاتي.
ونشأت في الفترة الممتدة من 1991 إلى الآن، في ظل ظروف انتصار الثورة المضادة، صعوبات ومتطلبات جديدة إضافية للحزب الشيوعي اليوناني. و خلال هذه الظروف الجديدة لتحول المجموعة اﻷوروبية اﻹقتصادية إلى الاتحاد الأوروبي، و انضمام اليونان لمنطقة اليورو، و توسع التجارة الدولية والاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر من خلال تحرير الأسواق، تفاقمت المزاحمة الرأسمالية و التناقضات بين مختلف المراكز الإمبريالية، في حين اندلعت جولة جديدة من الحروب الإمبريالية المحلية والأزمات الاقتصادية الرأسمالية الأكثر تزامنا، والأكثر نموذجية عليها أزمة: 2007-2008.
9. و ناهض الحزب الشيوعي اليوناني بنحو كفاحي معاهدة ماستريخت من أجل الاتحاد الأوروبي (1992)، وقصف الناتو ليوغوسلافيا (1999)، والغزو الامبريالي لأفغانستان (2001) والعراق (2003) و ليبيا (2011) و سوريا ( 2011)، مع تسليطه الضوء على تواطؤ الطبقة البرجوازية اليونانية.
وقد تنبأ الحزب بنحو ناجز بتعايش الاتجاهات المتناقضة في تماسك الاتحاد الأوروبي الإمبريالي الدولي: نظراً للمزاحمة الجارية على المستوى الدولي مع أحجام كبيرة للولايات المتحدة والصين والهند والاتحاد الروسي وغيرها من جهة، و من جهة أخرى، نظراً لعدم تكافؤ اقتصادات البلدان الأعضاء فيما بينها، كما و أيضاً، نظراً للمزاحماتها البينية. و أبرز الحزب الشيوعي اليوناني بصواب عدم تحقق تقارب في اﻷجل المتوسط و الطويل، بين اقتصادات الدول - أعضاء الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو، و أكثر من ذلك بكثير، عدم تقارب الأجور والمعاشات ومستويات المعيشة صعودا نحو المستويات المماثلة لها في أكثر الاقتصادات قوة. كما و وثّق الحزب أن أي شكل من أشكال اتحاد الدول الرأسمالية - الاقتصادي والعسكري والسياسي - لن يكون له سوى محتوى رجعي.
ويضيء الحزب الشيوعي اليوناني اليوم واقعة استحالة إلغاء التطور الغير متكافئ للاقتصادات الرأسمالية والعلاقات الغير منصفة بين الدول البرجوازية، فوق أرضية الرأسمالية. كما و يستغل التجربة التاريخية لإثبات أن كل تحالف إمبريالي دولي هو رجعي بطبيعته، وأن ما من تحالف إمبريالي دائم و ثابت. و يُبرز هدف الصدام والقطع مع حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي باعتبارهما عنصراً من الصراع من أجل إسقاط سلطة رأس المال، من أجل حيازة السلطة العمالية، والتي هي عبارة عن مقدمة لتوظيف فك ارتباط البلاد عن أي تحالف الامبريالي، في صالح الشعب. كما أنه يكافح من أجل رحيل قواعد الموت، و ردع أية محاولة لتغيير الحدود، ويدين أي خروج للجيش اليوناني أو الأجنبي من أراضي بلده. و يكافح الحزب وفق مبادئ الاممية البروليتارية و من أجل التضامن الأممي والصداقة بين الشعوب.
ويدعو الحزب الشيوعي اليوناني الشعب إلى عدم إبداء الثقة في أي حكومة برجوازية، سواء في ظروف السلام الإمبريالي أو في ظل الحرب الإمبريالية. حيث ستكون سياسة الحكومة البرجوازية في حال اﻹشتباك الحربي، استمرارا للسياسة البرجوازية اﻷكثر إجمالاًُ، التي تُدمي الشعب باستمرار وتقتل الحقوق الشعبية. و في حالة أي اشتباك حربي لليونان، سيقود الحزب الصراع العمالي الشعبي، لكي يربطه بالاستيلاء على السلطة، و ليقود إلى هزيمة كل من الطبقة البرجوازية المحلية، وكذلك الأجنبية الغازية.
10. إن إحدى أهم قرارات هذه الفترة هي مبادرة الحزب لتأسيس و دعم جبهة النضال العمالي "بامِه" كقطب التفاف المنظمات النقابية العمالية من الدرجة اﻷولى والثانية ذات اﻹتجاه الطبقي، على نقيض نقابيي أرباب العمل والحكومة، مع خط مواجهة لاستراتيجية رأس المال المعاصرة.
وفي الوقت نفسه، تصدَّر الحزب الشيوعي اليوناني محاولة إعادة بناء حركة المزارعين و حركة صغار الكسبة في المدن من أجل فصلها عن قياداتها النقابية، و توجهها نحو إطار صراع ذي سمات مناهضة للاحتكارات، ضمن خط مشترك مع صراع الحركة العمالية. وفي نفس الاتجاه، أعيد تنظيم الحركة الجذرية النسائية، وحركة الطلاب والتلاميذ، مما أعطى أساساً للتنظيم و العمل من الأسفل.
و يخوض الحزب الشيوعي اليوناني اليوم، معركة حتى أكثر حسما لبناء قوة منظمة متينة في قطاعات الانتاج الصناعي و غيرها من المجالات ذات اﻷهمية الاستراتيجية، و يكافح من أجل تعزيز العمود الفقري للطليعة الثورية السياسية.
و يكافح من أجل حركة عمالية ذات اتجاه موحد في مواجهة طبقة الرأسماليين و حكوماتها و دولتها، ضمن نشاط مشترك مع القوى الشعبية، مع خط تصادم مع المصالح الرأسمالية، و صراع من أجل تحقيق المقدمات و الانقلابات الاقتصادية - الاجتماعية والسياسية التي من شأنها أن تجعل من الممكن تلبية حاجات القوى الشعبية.
و واجه الحزب الشيوعي اليوناني بحزم الضغوط الجارية من أجل مشاركته أو دعمه للإدارة البرجوازية لحزب سيريزا ذي اﻷصول الانتهازية، باعتبارها عنصرا جديدا من التطورات السياسية والأشمل، حين وصول سيريزا إلى الحكم في شباط\ فبراير 2015. و هي الضغوط التي بدأت وقت التراجع التدريجي لحزب الباسوك، في ترابط مع عملية استكمال السمات الاشتراكية الديمقراطية لسيريزا، التي بلغت ذروتها في انتخابات عام 2012. و حذر بنحو ناجز من متاجرة سيريزا بتاريخ الحركة بهدف التلاعب بالوعي الجذري وخداع مناضلين يساريين، مع ممارسته عداءا مشذباً للشيوعية، هو الذي يعطي مكانه مع تزايد الغضب الشعبي ، أيضاً للعداء الفج للشيوعية. و تنبأ الحزب بنحو ناجز بتحول سيريزا لحزب اشتراكي ديمقراطي، و بروزه كدعامة جديدة للنظام السياسي البرجوازي و للتطور الرأسمالي. و ركَّز انتباهه على مطالب النضال في ظروف الأزمة الرأسمالية الاقتصادية، كما و في حال حضور التعافي الهزيل، و على الصدامات العسكرية الامبريالي،ة و دور اليونان الراغب بالمشاركة فيها بموافقة جميع الأحزاب البرجوازية، و على الكفاح ضد منظمة الفجر الذهبي النازية، و في ذات الوقت، على اﻹعداد الأيديولوجي والسياسي للشعب ضد الحرب الإمبريالية، والتي يمكنها في الواقع خلق المقدمات لوضع الصراع من أجل السلطة العمالية على أجندة اليوم.
11. لقد حاول الحزب الشيوعي اليوناني خلال ظروف انتصار الثورة المضادة والانحسار الكبير للحركة الشيوعية الأممية أن يدرس التطورات و يستخلص استنتاجات من التجربة التاريخية للصراع الطبقي في اليونان ودوليا. حيث فهِم بنحو أعمق أن النضج النظري للطليعة الشيوعية العمالية والمحاولة الخلاقة من أجل إجراء معالجات ماركسية علمية معاصرة، يُشكلان مقدمتين من أجل جذب القوى الشعبية العمالية على نطاق أوسع، نحو الصراع الطبقي الثوري.
و كان ذلك في سياق محاولة مضنية ومعقدة للبحث في مشاكل نظرية للاستراتيجية الثورية والبناء الاشتراكي، في ترابط مع محاولة إعادة بناء الحركة العمالية والمواجهة السياسية القاسية مع تصاعد هجمة رأس المال الأيديولوجية والسياسية.
لقد اختار الحزب الشيوعي اليوناني الطريق الصعب للتقييم النقدي لمسار بناء الاشتراكية في ظروف السيطرة العامة للثورة المضادة، التي غذت على نحو غير مسبوق الرجعنة الأيديولوجية و السياسية والاجتماعية، والارتباك والانهزامية في القوى العمالية والشعبية، كما و انحساراً للحركة الشيوعية،لا يمكن تصوره.
حيث تخلت حينها العديد من الأحزاب الشيوعية علناً عن اﻷيديولوجية الشيوعية، و عن ضرورة الثورة الاشتراكية والسلطة العمالية الثورية، و تقدمت بشكل مباشر أو غير مباشر نحو التيار الاشتراكي الديمقراطي المتبرجز.
و واجه الحزب الشيوعي اليوناني الهجمة البرجوازية، التي شهّرت بالتاريخ السوفييتي و شوهته، مدعية تفوق الديمقراطية البرلمانية البرجوازية وعلاقات الإنتاج الرأسمالية.
حيث وُجد الحزب أمام الحاجة الملحة للبحث في أسباب الثورة المضادة، و في مسؤوليات الخيارات الخاطئة و التراجعات وانتهاكات حتميات البناء الاشتراكي من قبل قيادات الأحزاب الشيوعية في البلدان الاشتراكية.
و أنار تاريخ الاتحاد السوفييتي، وخاصة العقود الأولى قبل الحرب العالمية الثانية، و التي أثبتت المنجزات الهامة، الإنتاجية والاجتماعية والثقافية، من قبل الإنتاج المخطط مركزيا والخدمات الاجتماعية، في ظل الملكية الاجتماعية ومشاركة العمال في تنظيمها و إدارتها.
حيث يُشكل التخلص السريع من البطالة، والأمية، والتخصيص الفعال للعمال وتحويل الصناعة السلمية لحربية خلال الحرب العالمية الثانية، والنهوض الاقتصادي السريع من خراب الحرب، والإنجازات في مجال استكشاف الفضاء، والمكاسب الاجتماعية العالية المستوى لتعليم مجاني و صحة، مجرد أمثلة قليلة.
هذا و أظهرت دراسة التجربة التاريخية أن عددا من المشاكل التي حضرت في مسار البناء الاشتراكي (على سبيل المثال التأخير في التحديث التكنولوجي في صناعة المنتجات الاستهلاكية الشعبية، مما أدى إلى تخلف في نوعيتها، و التأخر خلال فترة ما بعد الحرب في الإنتاج الزراعي، وبعض النسب اﻹشكالية بين قطاعات الإنتاج، والاختلافات الكبيرة في الدخل النقدي) حيث لم تفسر بشكل صحيح ولم تُعالج فوق محور تعزيز وتوسيع العلاقات الاشتراكية، وتعميقها كعلاقات شيوعية، أيضاً في مجال توزيع المنتج بعد الحرب العالمية الثانية. و بدلا من البحث عن حل في اتجاه الأمام، جرى البحث عنه نحو الخلف. و اتسعت عناصر البضاعية التي بقيت، و توسعت أيضاً في مجال طرح منتج الإنتاج الاشتراكي، و جرى تنظير هذه النكسة بأنها "اشتراكية السوق".
و أبرز الحزب الشيوعي اليوناني المؤتمر اﻠ20 للحزب الشيوعي السوفييتي (1956) باعتباره منعطفاً إنتهازياً للحزب حيث كان هناك تقييم سلبي للفترة السابقة من البناء الاشتراكي، مع تخفيض قيمتها بالحديث عن “عبادة اﻷفراد"، كما و مع تراجعات في مسائل العلاقات الدولية و الاستراتيجية الثورية اﻷممية. وفي الوقت نفسه، مهدت الطريق لتبعات سلبية ذات همية حاسمة في تشكيلة هيئاته القيادية.
و تقدم في مؤتمرات لاحقة (مثل المؤتمر اﻠ22 للحزب الشيوعي السوفييتي) نحو تبنٍ علني لمواقف و تدابير انتهازية، و تمثلت تبعتها في إضعاف الإدارة المركزية لتخطيط الاقتصاد. حيث اتُبع مسار من التراجعات المستمرة التي أضعفت في نهاية المطاف الطابع الاجتماعي للملكية و عززت المصلحة الفردية والجماعية، والتي بلغت ذروتها في انتصار الثورة المضادة.
و كانت ثمرة سنوات مديدة من محاولة المعالجة النظرية للحزب الشيوعي اليوناني، قد تمثلت في تقديراته المتعلقة بالاشتراكية في الاتحاد السوفييتي، والتي تبلورت في مؤتمره اﻠ18 عام 2009. إن الحزب الشيوعي اليوناني يتعهد بمواصلة محاولته البحثية بإصرار، حول مشاكل البناء الاشتراكي خلال السنوات المقبلة.
12. لقد وضع الحزب الشيوعي اليوناني أساس رؤيته الاستراتيجية الجديدة في مؤتمره اﻠ15 (1996) و عالجها بنحو أكثر كمالاً في برنامجه الجديد الذي صاغه مؤتمره اﻠ19 (2013).
و أظهر الحزب الشيوعي اليوناني عبر هذه المعالجة البرامجية المعاصرة، أن طابع الثورة في كل بلد رأسمالي يحدد موضوعياً من التناقض الذي تدعى لحله، أي التناقض بين رأس المال - العمل، و من سمة العصر على المستوى الدولي، من عصر الرأسمالية الاحتكارية، بمعزل عن موقع البلاد في النظام الإمبريالي الدولي.
و أضاء قدرة علاقات الإنتاج الاشتراكية مع تحريرها لقوة العمل من قيود رأس المال، على إعطاء دفعة كبيرة لتطور قوى الإنتاج، لإعطاء دفعة جديدة و لروح و نوعية جديدة لجميع العلاقات الإنسانية في جميع مجالات الحياة الاجتماعية، مع التغلب بسرعة على أي تخلفات من فترة ما قبل الثورة.
حيث تعزز هذه الاستراتيجية الثورية المعاصرة قدرات الحزب الشيوعي اليوناني على تنظيم البؤر الطليعية للمقاومة والهجوم المضاد في كل موقع عمل، في كل قطاع من قطاعات الاقتصاد.
هذا و لم يعالج الحزب الشيوعي اليوناني رؤية برنامجية للاقتصاد الاشتراكي الشيوعي فحسب، بل أيضا لمؤسسات السلطة الثورية العمالية.
و عبر دراسته تجربة البناء الاشتراكي، أبرز في البرنامج الطابع العمالي للدولة طوال فترة تشكيل المجتمع الشيوعي الجديد، و اﻷساس الاقتصادي الاجتماعي للصراع الطبقي، الذي يستمر خلال الاشتراكية عبر صيغ و وسائل مختلفة. حيث ضرورية هي الدولة العمالية حتى وقت تحول جميع العلاقات الاجتماعية إلى الشيوعية على المستوى الدولي، حتى القضاء التام على كل أشكال اللاإنصاف و صياغة وعي شيوعي في الغالبية العظمى من العمال. إن العنصر الجديد نوعيا لسلطة العمال و ديكتاتورية البروليتاريا، هو تعبيرها عن علاقات الإنتاج الاشتراكية. و لذا فإن نواة السلطة العمالية هو اجتماع العمال في كل وحدة الإنتاج، و كل مرفق خدمة اجتماعية و إدارية، لانتخاب ممثليهم في أجهزة السلطة، من أسفل إلى أعلى، مع حق الرقابة و سحبهم من منصبهم.
و يعترف الحزب الشيوعي اليوناني بأن مشاركة العمال المسؤولة في كل مسائل تنظيم و إدارة الانتاج و الخدمات، باعتبارها أساسية في تحقيق السلطة العمالية، كما و بمسؤوليته في صياغة وعي شيوعي بين الشباب والعمال.
13. و اتخذ الحزب الشيوعي اليوناني مبادرات بعد وقوع اﻹنقلابات و تمظهر التراجع المأساوي و الأزمة في صفوف الحركة الشيوعية الأممية، من أجل تطوير العمل المشترك بين الأحزاب الشيوعية ضد هجمة رأس المال و التدخلات الإمبريالية و ضد الانتهازية.
و في سياق محاولة صياغة و إعادة بناء الأحزاب الشيوعية، شكلت اللقاءات الأممية السنوية لهذه الأحزاب، التي انطلقت من أثينا عام 1999، وتستمر حتى يومنا هذا، ميداناً للصراع الأيديولوجي السياسي ضد الاشتراكية الديمقراطية القديمة و ضد صيغ جديدة للانتهازية.
وفي الوقت نفسه، ناضل الحزب الشيوعي اليوناني و يناضل من أجل وجود قطب التفاف شيوعي و أحزاب شيوعية و عمالية تعترف و تتفق بنحو أساسي على ضرورة إعادة بناء الحركة الشيوعية الأممية.
و بالتأكيد، يجب على السياسة الثورية في كل بلد أن تأخذ في الاعتبار خصوصاً مسار الصراع الطبقي، وموازين القوى، و أسلوب تمظهر التناقضات الإمبريالية البينية في المنطقة. ومع ذلك، فإن إعادة بناء الحركة الشيوعية الأممية يشترط مسبقا وحدتها الأيديولوجية والاستراتيجية ضد الاستراتيجية الدولية لرأس المال.
و تمثلت عناصر جديدة في سياق هذه المحاولة الحثيثة والمضنية، في إعلان اسطنبول (2009) وبعد ذلك في إصدار "المجلة الشيوعية الأممية – منبر الحوار"، كما و عبر صيغ مستقرة أخرى مثل المبادرة الشيوعية الأوروبية (2013).
ج. نواصل طريقنا الثوري من أجل الاشتراكية – الشيوعية، دون تذبذب
و مع اختتامه قرناً من النضالات والتضحيات، يتعهد الحزب الشيوعي اليوناني نحو الطبقة العاملة و الشعب، بأن يكون مستحقا لتاريخه. و يتعهد ببذل كل قواه للتجاوب بنجاعة مع دوره كطليعة أيديولوجية وسياسية ثورية للطبقة العاملة. و مع استناده إلى برنامجه المعاصر و النظرية الماركسية اللينينية الكونية، سيعزز من صموده و قدرته ضد كل صعوبات ميزان القوى المحلي و الدولي في الصراع الثوري من أجل الاشتراكية – الشيوعية.
و من خلال استكمالنا 100 عاما من الحياة، فإننا نتعلم من تجربتنا التاريخية الغنية ونخوض يومياً معركة تعزيز قدرات قوى الحزب في كل موقع عمل، في كل قطاع من قطاعات الاقتصاد و في كل منطقة لتصدّر مبادرة تطوير النضال المطلبي الاقتصادي و السياسي، الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالواجب السياسي الرئيسي أي بالصراع الثوري من أجل السلطة العمالية.
إننا نقوم بترقية محاولتنا في دراسة الظواهر الاجتماعية المعاصرة، والإنجازات المحققة في كافة المجالات العلمية، كذا والخبرة الغنية من مشاكل البناء الاشتراكي في القرن اﻟ20 لكي نغدو أكثر اقتداراً على إضائة الراهنية التاريخية للاشتراكية - الشيوعية، و ضرورة حل التناقض الرئيسي للنظام الرأسمالي بين اكتساب العمل والإنتاج طابعاً اجتماعياً غير مسبوق من من جهة، و بين استحواذ رأس المال على نتائجهما، من جهة أخرى. و أن نعرض بنحو أكثر إقناعا الإمكانات الجديدة الناشئة بموضوعية في القرن اﻟ21 من تطور قوى الإنتاج، والتي تتمثل إحدى جوانبها أيضا في المنجزات العلمية والتكنولوجية الجديدة.
إننا نستفيد من دروس تجربتنا التاريخية، من أجل أن نغدو أكثر نجاعة في ترويج الاستراتيجية الثورية وفي صراعنا مع رؤى وممارسات التحريفية والانتهازية. و نبرز التجربة السلبية من التراجع عن الاستراتيجية الثورية و من الرؤى الخاطئة التي فصلت في الممارسة، الكفاح ضد الفاشية و ضد التبعية و علاقات البلاد الغير المتكافئة، عن النضال من أجل الاشتراكية، حتى لا نكرر نفس الأخطاء.
و نعارض أي شكل من أشكال الهدف السياسي الإصلاحي الحكومي في سياق البرلمانية البرجوازية، كما و مشاركة الحزب في حكومات فوق أرضية الرأسمالية. و نستفيد من مشاركتنا في مختلف مؤسسات النظام السياسي البرجوازي (البرلمان و اﻹدارات الإقليمية والمحلية و غيرها) من أجل قيامنا بإعلام و تنوير و مطالبة أكثر نجاعة من أجل مصالح القوى العمالية الشعبية، و لتنظيم صراعها.
إننا نكافح بثبات وحزم لكي تمتلك منظمات الحزب جذور أكثر عمقاًُ و وسعاً ضمن الطبقة العاملة، لا سيما في القطاعات ذات اﻷهمية الاستراتيجية، و في القطاعات العمرية الشبابية و النسائية من العاملين بأجر، و العمال المهاجرين و اللاجئين. و نعمل يومياً لبناء منظمات كفاحية متينة ستسهم بنحو توجيهي وحاسم في إعادة بناء الحركة العمالية فوق توجه طبقي و تشكيل تحالف اجتماعي مع القطاعات الدنيا من الشرائح الوسطى، لكي يتجه صراعها المشترك ضد السلطة البرجوازية . ونواصل جهودنا لتنسيق نشاط الأحزاب الشيوعية والعمالية.
و في الذكرى اﻟ 100 للحزب نكرم جميع بذلوا أرواحهم، وتعرضوا للتعذيب والسجن والمنفى من أجل مُثلنا العظيمة.
ونتوجه نحو مناضلي اليوم، في فترة تتطلب أيضا تضحيات و انكاراً للذات و صموداً أيديولوجياً و فردياً في ظروف تراجعٍ و أزمة للحركة و زيادة للحاجات الفردية والأسرية. مع إبداء عناد و صمود على الرغم من عدم وجود نتائج واضحة، و مع وعي بأهمية العمل السياسي الثوري اليومي في أي ظرف من الظروف.
و ذلك مع يقيننا بأن البواكير ستنضج، و مع جهوزيتنا للتجاوب مع أية تطورات ومع عودة الأزمنة.
و مع اختتام قرن من النضالات والتضحيات، نقوم نحن أعضاء وأصدقاء الحزب الشيوعي اليوناني بتشديد محاولتنا لتعزيز على نحو أبعد لكافة السمات الثورية للحزب، كحزب من طراز جديد، لزيادة قدرته على القيام بدور الطليعة الثورية في "السراء و الضراء".
إننا نعزز الحزب الشيوعي اليوناني، الذي هو عبارة عن مقدمة أساسية لإبراز جميع فضائل الطبقة العاملة باعتبارها حامل التحرر الاجتماعي، حامل الاشتراكية -الشيوعية.
إن الحاجة اليوم هي لحزب شيوعي يوناني هي أقوى بكثير، لحزب مقتدر في الصراع من أجل إعادة بناء الحركة العمالية، و ترسيخ التحالف الاجتماعي المناهض للرأسمالية و الاحتكارات، لحزب قادر على قيادة الصراع ضد الحرب الإمبريالية، من أجل السلطة العمالية، من أجل الاشتراكية – الشيوعية.
100 عاماً للحزب الشيوعي اليوناني
مع الشعب، من أجل الاشتراكية
" توقيعٌ رزينٌ لشعبنا
في جادات المستقبل ".
(يانِّيس ريتسوس)
اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني كانون اﻷول\ديسمبر 2017