روابط المواقع القديمة للحزب

إن الصفحات الأممية للحزب الشيوعي اليوناني تنتقل تدريجياً إلى صيغة موقع جديد. بإمكانكم الوصول إلى النسخات السابقة للصفحات المحدثة سلفاً  و محتواها عبر الروابط التاليةَ:

 

نص مداخلة الحزب الشيوعي اليوناني في اللقاء الأممي اﻠ20 للاحزاب الشيوعية و العمالية، المنعقد حول موضوع:

"الطبقة العاملة المعاصرة و تحالفها. مهام الطليعة السياسية- الأحزاب الشيوعية والعمالية، في النضال ضد الاستغلال والحروب الامبريالية، من أجل حقوق العمال والشعوب، من أجل السلام والاشتراكية".

عن الطبقة العاملة اليوم 1

.

إن اهتمام الأحزاب الشيوعية و العمالية في لقائها الأممي اﻠ20 هو موجه نحو الطبقة العاملة المعاصرة. حيث تتعزز في السنوات الأخيرة محاججة البرجوازية و البرجوازية الصغيرة، التي ترفض تارة الدور الثوري للطبقة العاملة و طوراً وجودالطبقة العاملة، بعينه. حتى أن البعض وصل إلى نقطة البحث عن "فواعل ثورية جديدة". إن هذه الآراء تفسر بأسلوبها الاكتشافات التكنولوجية للعصر الجديد، وتعزيز المعلوماتية و مجال الروبوتات، الذي يُقدَّم على أنه "خرق"  و "ثورة صناعية جديدة" في المجتمع. وتُعرض على أنها معطيات إضافية لهذه التحولات، بيانات إحصاءات برجوازية، والتي تظهر انخفاضا في التشغيل في سلسلة من قطاعات الصناعات التقليدية وزيادة في تشغيل العاملين في "الخدمات". و على هذا النحو "يُنهي" البرجوازيون والانتهازيون الطبقة العاملة وخوفهم الكامن في منظور تعزيز و تصعيد الصراع الطبقي، وإقامة السلطة العمالية.

إن "الفخ" الذي يخفيه هذا التنظير القائل ﺑ"مجتمع ما بعد الصناعي" يتواجد من جهة  في مواجهة المجتمع على أساس معيار المستوى التكنولوجي لوسائل الإنتاج، لا وفق معيار علاقات الإنتاج القائمة. و بالإضافة إلى ذلك ، فإنه يطابق بنحو خاطئ بين الصناعة و قطاع "الصناعة التحويلية". و يعتبر فقط كطبقة عاملة، جزئها ذاك الذي يعمل يدويا أو يعمل في التصنيع، في حين يضع أقسامها الأخرى، مثلاً: كالعلماء العاملين بأجر والذين لا يمتلكون منصبًا إدارياً ويستوفون المعايير اللينينية للانضمام إلى الطبقة العاملة،  في الشرائح الوسطى. و يستغل أيضاً، واقعة التراجع الموضوعي  لنسبة قوة العمل في التصنيع من مجموع قوة العمل، خلال التطور الرأسمالي، كما و تراجع منتج التصنيع مُقاساً كقيم و نسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، و على هذا النحو يخلص التنظير المذكور إلى استنتاج لا علمي قائل ﺑ" نهاية الطبقة العاملة ".

و مع ذلك ففي الواقع، ، فإن ما هو مهم، و ما كان قد دخل في مركز الدراسات العلمية لمؤسسي الشيوعية العلمية، هي العلاقات القائمة بين رأس المال والعمل المأجور، أي  بين الطبقة البرجوازية والبروليتاريا. إن ذلك لم يكن مصادفة، لأن العلاقة بين رأس المال والعمل المأجور هي: "المحور الذي يدور حول نظامنا الاجتماعي بأكمله اليوم[1]". إن أية تغيرات علمية و تكنولوجية لا تنفي واقعة اضطرار  الرأسماليين لتأجير قوة عمل لتشغيل وسائل الإنتاج المتواجدة في حوزتهم، بغرض تحقيق أكبر ربح ممكن. إن "استهلاك" قوة عمل الطبقة العاملة هو الذي يُنتج قيماً جديدة، و هي التي لا يعود قسم منها إلى منتجيها المباشرين عبر صيغة  راتب - أجر - تأمين اجتماعي- معاش تقاعدي، وما إلى ذلك، بل كقيمة زائدة، تتحول إلى ربح للرأسمالي. و على هذا النحو، فإن قوة العمل هي السلعة الوحيدة التي تنتج قيمة أكبر من قيمتها، عند استهلاكها. إن مفعول هذا يسري منذ 200 عام ، و هو سارِ اليوم ، على الرغم من أي تغيرات.

كما و يسري أيضاً، أن المَعلَم  الأساسي للطبقة العاملة هو حرمانها من  وسائل الإنتاج و إلزامها بيع قوة عملها (قدرتها على العمل) إلى طبقة مالكي وسائل الإنتاج، طبقة الرأسماليين.

وعلاوة على ذلك، يقبل التنظير الماركسي باعتباره صناعياً، كل قطاع من اﻹنتاج الاجتماعي حيث يتم إنتاج القيمة، وبالتالي قيمة زائدة، على سبيل المثال: يُصنف قطاع المعلوماتية والاتصالات والنقل من قبل الإحصاءات البرجوازية في فئة الخدمات. هذا و ذكر ماركس في عمله "رأس المال" أن حدود النشاط الصناعي في الرأسمالية هي أوسع بنحو واضح من حدود قطاعات "التصنيع" التقليدية التي تصنفها الإحصاءات البرجوازية. حيث يُذكر في المجلد الثاني من رأس المال ما يلي: " غير أن هناك فروعاً صناعية مستقلة لا يكون فيها منتوج عملية الإنتاج منتوجاً شيئياً جديداً، لا يكون سلعة. و الفرع الوحيد الهام اقتصادياً من بين هذه الفروع  هو صناعة النقل و المواصلات، سواء صناعة النقل الفعلية لنقل السلع و المسافرين أو الصناعة التي لا توصل  سوى البلاغات و الرسائل و البرقيات، إلخ. [ ...] و لكن ما تبيعه صناعة النقل هو النقل بالذات.[ ...] و لا يمكن إستهلاك النتيجة النافعة إلا خلال عملية اﻹنتاج، و هذه النتيجة لا توجد كشيء نافع مختلف عن هذه العملية [ ...] و لكن القيمة التبادلية لهذه النتيجة النافعة تتحدد، شأن القيمة التبادلية لأية سلعة أخرى، بقيمة عناصر اﻹنتاج (قوة العمل و وسائل اﻹنتاج) المنفقة عليه، زائداً فائض القيمة الذي خلقه العمل الفائض للعمال المستخدمين في صناعة النقل[ ...] إن رأس المال الصناعي هو نمط الوجود المتعين الوحيد لرأس المال الذي تصبح فيه وظيفته، لا اﻹستيلاء على فائض القيمة أو المنتوج الفائض فحسب، بل و خلق هذه القيمة في آن واحد[2].

و بإمكاننا هنا أن نسجِّل أن إﻧﮔلز  شدد على الوزن النوعي للبروليتاريا الصناعية نظرا لموقعها في الإنتاج، و تركيزها  في  مواقع العمل والمدن وإمكانية تنظيمها:

"كان أول البروليتاريين قد انتموا للصناعة و ولدوا مباشرة منها [...] و في بروليتاريي الصناعة  سنلاقي عن جديد هذا التسلسل، و سنرى أن عمال المصانع، كانوا الأبناء البِكر للثورة الصناعية، و كانوا منذ البداية و حتى أيامنا نواة الحركة العمالية وأن آخرين اتحدوا مع الحركة بدرجة انجرار مهنتهم نحو دوامة الصناعة[3]".

إن عملية التطور الرأسمالي، وتركيز وتمركز رأس المال، تقود موضوعيا إلى تطور الطبقة العاملة، و إلى تفاقم التناقض الأساسي بين رأس العمل و قوة العمل الماجورة، وتطوير الصراع الطبقي و تشكيل الفاعل الثوري الجديد، أي الطبقة العاملة و طليعتها، حزب العمال الثوري (الحزب الشيوعي).

إن قوة الطبقة العاملة باعتبارها قائدة الثورة اﻹشتراكية، لا تتحدد من حجمها بل من موقعها في نظام اﻹنتاج اﻹجتماعي."إن قوة البروليتاريا في أي بلد رأسمالي، هي أكبر بما لا يقاس من نسبة البروليتاريا في مجموع السكان. وذلك لأن البروليتاريا تسيطر اقتصاديا في المراكز والنقاط الحساسة في جملة نظام الرأسمالية الاقتصادي، ولأن البروليتاريا تعبر اقتصاديا وسياسيا عن المصالح الفعلية للغالبية العظمى من العاملين في الرأسمالية [4]... ".

وهكذا، يمكننا القول أن من الطبيعي تطور و تباين قطاعات النشاط الإنتاجي، المنفصلة على أساس إنتاج قيم استعمالية مختلفة، مع مرور الزمن. ففي حاضرنا تشهد قطاعات مثل المعلوماتية والاتصالات نموا سريعا على مدى العقود الثلاثة الماضية. ومع ذلك، فإن التركيز الصناعي لا يتطابق مع مسار الفروع المحددة المزدهرة أو المتراجعة. بإمكاننا اليوم أن نتحدث عن صناعة  المعلوماتية، و صناعة الاتصالات، والنقل الخ .. و ذلك بمعزل عما إذا كانت هذا الحالة متعلقة بإنتاج منتجات شيئية جديدة، أو بنقل المعلومات أو شحن بضائع، ففي جميع الحالات هناك علاقة رأسمالية، علاقة استغلال العمل المأجور من أجل إنتاج قيمة و قيمة زائدة. و بالتالي، فإن قوة العمل المأجور، أي الطبقة العاملة هي القوة الإنتاجية الأساسية في هذه المجالات. إننا نعتقد أن  التعريف الكلاسيكي الذي قدمه لينين للطبقات هو ساري المفعول بأكمله في أيامنا : "تسمى بطبقات تلك الجماعات الكبيرة من البشر الذين يتمايزون فيما بينهم من حيث الموقع الذي يمتلكونه ضمن نظام محدد من الإنتاج الاجتماعي، و من علاقتهم (و التي في جزئها اﻷكبر هي مرسخة و موصوفة بقوانين) تجاه وسائل الإنتاج، و من دورهم في التنظيم الاجتماعي للعمل، وبالتالي من أنمطة استحواذهم على حصة الثروة الاجتماعية التي يمتلكونها و من حجم هذه الحصة. إن الطبقات هي تلك الجماعات من البشر،  حيث بإمكان إحداها أن تستولي على عمل الأخرى بسبب اختلاف الموقع الذي تملكه ضمن نظام محدد للاقتصاد الاجتماعي[5]".

إن ما ورد أعلاه يشكل  "حجر الزاوية" بالنسبة للحزب الشيوعي اليوناني في مقاربته وتقييمه أن الطبقة العاملة تشكل القوة الإنتاجية الرئيسية والمتنامية باضطراد. إن العاملين الذين يعتاشون عن طريق بيع قوة عملهم والذين حرموا من امتلاك وسائل الإنتاج والوجود، و الذين يُدفع لهم بشكل رواتب أو أجور، و لهم دور تنفيذي بمعزل عن القطاع الذي يعملون و عن نوع العمل،  ينتمون إلى صفوف العمال المأجورين. و بالطبع، يقوم حزبنا في الوقت نفسه بدراسة التغيرات التي تتعلق بتركيبتهم و مستواهم التعليمي و بالتغيرات في علاقات العمل وما إلى ذلك

2. عن دور الطبقة العاملة

 

إن الطبقة العاملة هي القوة الإنتاجية الرئيسية. حيث يتلازم تركيز رأس المال و تمركزه في مجموعات احتكارية كبيرة أيضاً مع تركيز القوى العاملة، و مع إضفاء السمة الاجتماعية على العمل والإنتاج، مما يجعل الطبقة العاملة مركز وعصب الإنتاج والاقتصاد بنحو أعم، و بنحو خاص في القطاعات الاستراتيجية كالطاقة، و الاتصالات و المعلوماتية، و النقل، و في قطاعات إنتاج وسائل الإنتاج، إلخ.

إن الطبقة العاملة هي القوة الاجتماعية الوحيدة التي لا تملك وسائل الإنتاج ولكنها تنتج معظم ثروة المجتمع الرأسمالي. هي موضوعياً تلك الطبقة القادرة على قيادة الصراع من أجل إلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، والطبقة الوحيدة ذات المصلحة في مطابقة علاقات الإنتاج مع تطوير القوى المنتجة عبر التملُّك الاجتماعي لوسائل الإنتاج. حيث ستقوم فوق أساس التملُّك الاجتماعي لوسائل الإنتاج، والدولة العمالية (ديكتاتورية البروليتاريا) بتخطيط مركزي لتطوير متناسب للإنتاج، بغرض اﻹرضاء الموسع للحاجات الاجتماعية. و على هذا النحو، يتناغم العمل الاجتماعي مع الدافع لإرضاء الحاجات الاجتماعية و يُحل تناقضها من ناحية دافع الاستيلاء الفردي، و الربح الرأسمالي. هذا هو طابع الطبقة العاملة باعتبارها القوة الثورية الوحيدة، و حامل العلاقات الشيوعية في منظور المجتمع اللاطبقي.

و على نقيض الطبقة العاملة، فإن حلفائها من المزارعين الفقراء والعاملين لحسابهم الخاص، يمتلكون موقعا معيناً في نظام الإنتاج الاجتماعي يحدد مسبقا عدم اتساقهم و تذبذبهم بالنسبة للصراع من أجل إسقاط الرأسمالية وبناء الاشتراكية. و كان ماركس و إﻧﮔلز في عصرهما قد شددا على أنه: "من بين جميع الطبقات، التي تُـناهض الطبقة البرجوازية اليوم، فإنّ البروليتاريا وحدها هي الطبقة الثورية حقا. فالطبقات الأخرى تنهار وتتلاشى أمام الصناعة الكبيرة، في حين تمثل البروليتاريا نِتاجَها الخاص المُميِّز[6]".

و في الحاصل، فإن الحركة العمالية وحدها هي القادرة على اتخاذ ملامح ثورية، و التطور لتغدو حركة ثورية متسقة، في حين تعجز حركات القوى الشعبية الأخرى أن تغدو حوامل متسقة لرفض الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج.

و استنتاجاً، يمكننا أن نسجِّل أن  الطبقة العاملة و من موقعها بذاته في الانتاج اﻹجتماعي، هي موضوعياً القوة المحركة من اجل اﻹنتقال نحو أسلوب إنتاج و تنظيم اجتماعي أرقى عبر إسقاط النظام الرأسمالي و بناء المجتمع الاشتراكي الشيوعي.

وبالتأكيد، ينبغي أن تتصدى محاولات تطوير الكفاح ضد الرأسمالية و من أجل السلطة العمالية، باستمرار في أيامنا، لآراء وضغوط متجددة مستمرة، تمارسها  قوى انتهازية و برجوازية أو حتى جماهير عمالية شعبية مُضلَّلة، من أجل التخلي عن المهمة التاريخية للطبقة العاملة و من أجل حلول سياسية لإدارة "داخل جدران الرأسمالية" تحت يافطة الوحدة الوطنية الذائعة الصيت.  إن هذه النداءات تقوم بإخضاع مصالح الطبقة العاملة و الأغلبية الشعبية الكبرى لمصالح الأقلية المستغِلة أي الطبقة البرجوازية. حيث تتنامى مخاطرها في ظروف إعادة تراتبات الهرم الامبريالي وزعزعة التحالفات الإمبريالية وظهور جديدة منها، و ظروف أزمة أحزاب برجوازية حكومية و ظهور جديدة منها، و ظروف إعادة تسخين المواجهة بين الليبرالية البرجوازية و الاشتراكية الديمقراطية، وبين البرلمانية البرجوازية و الديكتاتورية الفاشية أو العسكرية، و بين التحديث البرجوازي و بين المخلفات الدينية و العرقية و غيرها.

و لا تزال مسألة أساسية للكفاح الإيديولوجي والسياسي في صفوف الحركة العمالية، متمثلة في الصراع ضد الأوهام القائلة بإمكانية الإنتقال نحو الإشتراكية، من خلال الإصلاحات البرلمانية و من خلال التحسين التدريجي للتوازنات الانتخابية و من خلال حكومة إدارة "يسارية" للرأسمالية.

حيث تثبت كلٌّ من نظرية وتاريخ الحركة الشيوعية، بأن إعلان الطابع الاشتراكي للثورة والسلطة هو ركيك، حينما تتخلله في الممارسة أهداف حكومية انتقالية في ظل الرأسمالية، تحت ذريعة الأزمة الاقتصادية المديدة، و تشديد عنف الدولة و أرباب العمل، و الإرهاب السافر الممارس بحق الحركة العمالية و الشيوعية، والعنف النازي الفاشي، و تعليق الإجراءات البرلمانية و تهديد الحرب الإمبريالية أو خوضها. حيث لا ينبغي أبداً فصل النضال السياسي اﻷيديولوجي اليومي الجاري حول جميع المسائل، عن المهمة السياسية الثورية الرئيسية في الصراع من أجل السلطة العمالية. هذا و ستخلق مشاكل تماسك الاتحاد الأوروبي و منطقة اليورو، وتعزيز البريكس، و تدخلات الولايات المتحدة لترسيخ مواقعها في أوروبا وآسيا، في الفترة القادمة، ظروفاً من شأنها و عن جديد إثبات راهنية الأهمية-المصيرية للحركة الثورية- في ربط الصراع ضد كافة صيغ اﻹدارة الرأسمالية و ضد الحرب الإمبريالية مع النضال من أجل السلطة العمالية

3. عن تحالف الطبقة العاملة

 

إن إسقاط الرأسمالية الذي تقوده الطبقة العاملة، يفيد الشرائح الشعبية، مقدماً لها منفذاً نحو حق العمل و كافة الحقوق الاجتماعية للعامل لحسابه الخاص و منتج السلع الفردي، عبر منظور دمجه ضمن العمل الاجتماعي المباشر. و تستطيع البروليتاريا - التي هي القادرة على التعبير عن المصالح العامة للعمال – و يجب عليها أن توحد في الصراع ضد اﻹحتكارات، بين قطاعات مهمة مبعثرة و متذبذبة من السكان من الشرائح غير البروليتارية.

و  يتعلق التحالف الاجتماعي المناهض للرأسمالية و الاحتكارات بالقوى الاجتماعية، التي تتحدد وفقا لموقعها تجاه أسلوب الإنتاج المسيطر، دون تمييز على أساس الجنس أو السن. حيث ينتمي كل من النساء والشباب إلى قوى اجتماعية محددة، في حين يتحدد الموقع الاجتماعي لتلك القطاعات التي لم تدمج في الإنتاج وفق موقع أسرهم.

و بالتأكيد، لا يبقى التحالف الاجتماعي ساكناً، بل يتطور تبعا لمرحلة الحركة و لميزان القوى، و سيظهر في صيغ أخرى و سيتعزز و يعيد نشر قواه وفق ظرف حركية و تحرك فعلي جماهيري مع تعزيز وتعميق أهدافه المناهضة للرأسمالية و الاحتكارات مع توسيع نطاقه باستمرار.

و تتمثل مسألة صراع و محاولة متواصلين، في جذب القطاعات الشعبية من الشرائح الوسطى و حركاتها على نحو فاعل أكثر أو أقل نحو الصراع الثوري، باعتبارها حليفة محتملة للطبقة العاملة، كما و في تحييدها.

و لا ينبغي أن يُنظر للتجمعات المناهضة للرأسمالية و الاحتكارات على نحو سكوني، بل عبر إدماجها في زخم الصراع الطبقي الذي ليس ذي معنى واحد و ذي مسار مستقيم. حيث ليس عمق محتوى الصراع ضد الرأسمالية والاحتكارات هو ذاته في جميع المراحل، و هو ما سينعكس في الصيغ التي سوف يتخذها التحالف والتي سوف تتطور.

 إن حزبنا يرى أن التحالف الاجتماعي -من ذات طابعه كتحالف قوى و حركات اجتماعية - ليس عبارة عن تعاون لأحزاب، ولا كتعاون للحزب الشيوعي اليوناني مع منظمات جماهيرية. و بقدر نشاط قوى سياسية أخرى ذات طابع برجوازي صغير، عبر أعضائها ضمن تجمعات التحالف الاجتماعي، حيث سيلتقون في نضال مشترك مع الشيوعيين ضمن ظروف الحركة، سيخاض صراع أيديولوجي سياسي ذي صلة. حيث سيتمظهر أي نشاط مشترك و صراع معها ضمن صفوف و هيئات كفاح التحالف الاجتماعي، المرتكزة في موقع العمل، و في اجتماعات الجمعية العامة للنقابات و الجمعيات ولجان النضال في الحي السكني، و ما إلى ذلك.

حيث  يُطرح السؤال التالي: ما هو الخط السياسي المحدد الذي يقدم إجابات حقيقية على مشاكل الشعب، أهو الخط المتماشي مع سيطرة الاحتكارات أم ضدها؟ أمع سلطة الاحتكارات ورأس المال، أم مع سلطة الشعب العامل، خالق كل ثروة المجتمع؟

سوف تمر عملية تحشيد و التفاف أغلبية الطبقة العاملة و جذب القطاعات الطليعية من الشرائح الشعبية حول الحزب الشيوعي اليوناني، بمراحل مختلفة. حيث تقتنع الجماهير العمالية و الشعبية من خلال خبرة مشاركتها في تنظيم النضال ضمن توجه صدام مع استراتيجية رأس المال، بضرورة اكتساب تنظيمها سمة شاملةً و عبر كافة أشكال صدامه مع سيطرة رأس المال الاقتصادية و السياسية. حيث تُشكِّل الحركة العمالية و حركات صغار الكسبة في المدن و المزارعين كما و صيغة تحالفها ذات الأهداف المعادية للإحتكارات و الرأسمالية و مع العمل الطليعي لقوى الحزب الشيوعي اليوناني الجاري في ظروف غير ثورية، مشكِّلة بذلك صياغة لنموذج أساس الجبهة العمالية الشعبية الثورية في الظروف الثورية

4. الطبقة العاملة في اليونان

 

 انتقل الاقتصاد اليوناني نحو تعافٍ هزيل عام 2017. ومع ذلك، فإن استمرار هذا الاتجاه يعتمد على معايير أخرى و لا سيما على تطورات الاقتصاد الدولي.

و عبر حساب الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة لعام 2010، تصل نسبة انكماشه خلال خمس سنوات 10.4٪، في حين بالمقارنة مع بداية مرحلة الأزمة عام 2008، فإن نسبة انكماش الناتج المحلي الإجمالي تتجاوز 26٪. هذا و انكمش الناتج المحلي الإجمالي عام 2015 بنسبة 0.2٪، في حين يتوقع أن تصل نسبة انكماشه عام 2016، 0.3٪. و سجل مؤشر حجم الإنتاج الصناعي عام 2015 ارتفاعا هزيلاً بنسبة 0.7٪ منذ عام 2007، وهو اتجاه استمر في النصف الأول من عام 2016. و كانت الصناعات التحويلية الديناميكية قد تمثلت في صناعة النفط، والمنتجات الدوائية و المنتجات الكيماوية والمعادن الأساسية.

هذا و لم تتغير الهيكلية القطاعية للاقتصاد اليوناني بشكل كبير في السنوات الأربع الماضية. حيث لوحظت زيادة طفيفة في حصة القطاع الأولي من إجمالي الإنتاج الجديد من نسبة 3.7٪ عام 2012 إلى 4 ٪ عام 2015، والقطاع الثالث من 80.1٪ عام 2012 إلى 81،8٪ عام 2015، مع تراجع في القطاع الثانوي (الصناعات التحويلية والطاقة والبناء و الصناعة الاستخراجية) من 16.2٪ عام 2012 إلى 15.2٪ عام 2015.

و مع ذلك، و فضلاً عن المشاكل المنهجية الأشمل للفصل بين القطاع الأولي والثانوي والثالث- فإن الأحجام المذكورة أعلاه تتأثر بحقيقة أن عددا من فروع الصناعة، كالاتصالات والنقل، تصنف حسب الإحصاءات البرجوازية ضمن القطاع الثالث. حيث تصبح المشكلة المنهجية المذكورة أعلاه، أكبر في اليونان، نظراً لأن الشحن البحري (الذي ينتمي إلى قطاع النقل) يشكل تاريخياً أقوى فروع الاقتصاد الرأسمالي اليوناني.

حيث احتل الشحن البحري المملوك من قبل يونانيين، عام 2015 المركز الأول عالميا، مع زيادة قدرة سفنه و حصصه الكبيرة في الأسطول العالمي لناقلات النفط و سفن شحن الصب، و هو على درجة عالية من استغلال عمال هذا الفرع.

واستمر خلال السنوات الأربع الماضية الاتجاه النزولي في عدد أرباب العمل و العاملين لحسابهم الخاص بسبب الأزمة، بينما كانت هناك زيادة هامشية في عدد العاملين بأجر. و على نحو أكثر تحديدا، انخفض عدد أرباب العمل من 261 ألفاً عام 2012 إلى 248 عام 2015، و انخفض عدد العاملين لحسابهم الخاص (الذي يضم المزارعين ضمنه) من 908 ألفاً إلى 856 وارتفع عدد العاملين بأجر على نحو طفيف من 2.34 مليوناً إلى 2.35 مليون. كما و انخفض عدد الأعضاء المساعدين في الشركات العائلية الصغيرة من 185 ألفاً إلى 158.

إن هذه التغيرات لم تحول بشكل كبير النسب البينية و المعدلات في جملة المُشغَّلين: حيث انخفضت نسبة أرباب العمل من 7.7٪ إلى 6.9٪، ونسبة العاملين لحسابهم الخاص، من 24.6٪ إلى 23.7٪ وارتفعت نسبة العاملين بأجر من 63.4٪ إلى 65٪. و يتعلق ما تبقى بالأعضاء المساعدين الذين سجلت نسبتهم انخفاضاً طفيفاً. ويجب أن يؤخذ في الحسبان أن هذه النسب تختلف قليلا، من ناحية عدد السكان النشطين اقتصاديا الذي يشمل العاطلين عن العمل و الذين بمعظمهم كانوا عاملين بأجر، بالإضافة للعاملين لحسابهم الخاص.

و خلال فترة الأزمة تعزز اتجاه تركيز و مركزة الاقتصاد الرأسمالي اليوناني. فبعد دورة من عمليات الاندماج والاستحواذ،  تجمع عملياً اﻠ4 بنوك الشاملة الكبرى جميع الأنشطة المصرفية.

و يسجل في قطاع التجارة نمو كبير في حصة المجموعات التجارية الكبيرة، في قطاع الاتصالات، حيث تتحكم 3 مجموعات عملياً تماما بالسوق (ΟΤΕ, Vodaphone, Wind) كما و وقعت ثاني أقوى المجموعات على شراكة استراتيجية مع ثالثها.

و تُهيمن على قطاع الطاقة ثلاث مجموعات كبيرة في مجال الوقود و هي التي تسيطر تماما على تكرير النفط، في حين تقدم بنحو حاسم تمركز صناعة البناء والتشييد، حيث تنشط مجموعاتها الرئيسية أيضاً، في تنفيذ المشاريع الصغيرة.

و في صناعة المعادن، تسيطر أكبر مجموعتان تقريبا على 2/3 من هذا القطاع. حيث تجري تطورات مماثلة في قطاعات السياحة و الإطعام و المواد الغذائية والمشروبات.

 حيث قدَّرت الاتحادات الإمبريالية الدولية (منظمة التعاون والتنمية وصندوق النقد الدولي، والمفوضية الأوروبية)، كما و بنك اليونان، حضور تعافٍ في الاقتصاد اليوناني في الفترة 2017-2018، مع زيادة الاستثمار (باستثناء السكن)، و بإسهام من قانون جديد للتنمية مبني على التمويل الإتحادي الأوروبي، كما و من تسريع عمليات الخصخصة الهامة.

و هي تقدِّر زيادة الصادرات السلعية نتيجة تحسين تنافسية الاقتصاد اليوناني، ونمو الخدمات (السياحة والشحن البحري)، وزيادة الاستهلاك المحلي نتيجة زيادة التشغيل والدخل وتحسين ظروف الائتمان.

إن عوامل اللايقين التي من الممكن أن تؤدي نحو نتائج أكثر سلبية، تتمثل في التدهور المحتمل في البيئة الاقتصادية الدولية و مسار الاتحاد الأوروبي بعد اﻠBrexit، و الأثر السلبي المحتمل على السياحة والتجارة من تفاقم مشكلة اللاجئين والوضع في منطقة شرق المتوسط، وتأثير السياسات الحكومية (زيادة الضرائب غير المباشرة، إثقال الشرائح الشعبية).

حيث تؤكد هذه الملاحظات عدم يقين التوقعات البرجوازية، ولا سيما إذا ما تفاقم وضع منطقة اليورو و تعزَّزت قواها النابذة.

ومن الجدير بالذكر أن ليس من السهل تنفيذ بعض الاستثمارات الكبيرة (مثل الموانئ و السكك الحديدية) في حال انتفاء و جود توافق متوسط الأجل، بين الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي و الصين و روسيا، في المنطقة اﻷشمل

5. عن حال الطبقة العاملة و سياسة حكومة حزبي سيريزا و اليونانيين المستقلين

 

في بلدنا روِّج لتدابير كان التخطيط لها  قد جرى قبل الأزمة بكثير و هي  التي أدت إلى انقلابات كبيرة في علاقات العمل والأجور والاتفاقات الجماعية والمعاشات والمزايا الاجتماعية، وما إلى ذلك، عبر معاهدة ماستريخت وبشكل أكثر تحديدا منذ عام 1993 عبر "الكتاب الأبيض". أي أنها كانت متعلقة بالتالي بجميع دول الاتحاد الأوروبي، وكان ذلك مستقلا عن مرحلة دورة إعادة الإنتاج الرأسمالي. حيث كانت عمليات إعادة الهيكلة الرأسمالية والإصلاحات المناهضة للعمال تخدم غرض تسهيل الربحية الرأسمالية على خلفية احتدام المنافسة الدولية. ومع ذلك، فإن من المسلَّم به هو زيادة راهنيتها بالنسبة للنظام الرأسمالي في أوقات الأزمات.

هذا و رُوِّج لهذا التخطيط الاستراتيجي على نحو هادف و منهجي وعلى المدى الطويل من قبل الاتحاد الأوروبي والحكومات البرجوازية في كل بلد. حيث وجدت هذه التدابير تطورها السريع والكامل، وخاصة في اليونان ابتداء من عام 2010، عبر ثلاث رزم (مذكرات) و 700 من القوانين المناهضة للشعب.

حيث يجري الترويج في إطار استراتيجية موحدة ﻠ:

  • سياسة موحدة نحو تخفيض حاد في الرواتب والأجور وتعزيز أشكال تشغيل بديلة وغير كاملة. إلغاء وقت العمل اليومي الثابت إلى حد كبير، و العمل الدائم في القطاع الحكومي وبعض أشكال التشغيل الأكثر استقرارا في القطاع الخاص، مع تغييرات واسعة النطاق في علاقات العمل، من خلال تعزيز مرونتها و مطاطيتها. إننا بصدد سياسات مندمجة في استراتيجية تحرير سوق العمل مع مرور الزمن و ضمن اتجاه تعديل رواتب و أجور العمل نحو مستويات منخفضة جدا تتشكل ضمن السوق الرأسمالي الدولي.
  • سياسة موحدة للحد من الإمدادات الصحية والاجتماعية، و في المقام الأول فيما يتعلق بأنظمة الضمان الاجتماعي، عبر توسيع الخصخصة.
  • تبني سياسات لإضفاء الشرعية على مكاتب النخاسة واستغلال المهاجرين باعتبارهم قوة عمل رخيصة و عتلة ضغط من أجل تحقيق تقليص إجمالي للرواتب والأجور.
  • فرض قيود جديدة على الحق في الإضراب وعلى النشاط النقابي.
  • زيادة مضطردة في الضرائب غير المباشرة، مما يؤدي إلى زيادة في سعر السلع الاستهلاكية الشعبية (كالكهرباء والغذاء والنقل، وما إلى ذلك).

هذا و سببت تداعيات الأزمة الاقتصادية و التدابير المناهضة للعمال، التي أدرجت ضمن المذكرات المعروفة و قوانينها التطبيقية، انقلابات عميقة أكثر رسوخاً، في ظروف معيشة و عمل الطبقة العاملة وتشكيلتها كما و في قطاع كبير من العاملين لحسابهم الخاص وصغار الملاكين في المدينة، و الريف. و توسعت صفوف الطبقة العاملة نحو أجزاء جديدة نظراً لخراب الشرائح الوسطى في المدينة والريف. حيث قاربت قطاعات أكثر من الشرائح الوسطى الطبقة العاملة، و تزايد عدد أشباه البروليتاريين. و في التوازي مع ذلك، تبدت زيادة في الهجرة، و لا سيما في هجرة الشباب.

و قلصت إعادة الهيكلة والأزمة من شريحة الأرستقراطية العمالية في القطاعين العام و الخاص كما و تقلص عدد موظفي الدولة. حيث لا يعني هذا تخلي البرجوازية عن الحفاظ على آليات تضليل الحركة العمالية و عن تجديدها وإنشاء آليات جديدة. كما و يتنامى تمايز هام، و تقسيم طبقي داخل الطبقة العاملة و على نحو أشمل ضمن العاملين بأجر، وهو ما يشكل القاعدة المادية للأرستقراطية العمالية.

 و تؤكد البيانات الأخيرة الاتجاه التصاعدي للبؤس المطلق للطبقة العاملة. بعد الانخفاض الحاد في أجور العمل العام في الفترة من 2009-2012 من 85 مليار يورو إلى 66.1 مليار، و في الفترة 2012-2015 انخفض ليبلغ 59 مليار مسجلاً مزيداً من الانخفاض بلغ نسبة 10.7٪، في حين تجاوزت نسبة الانخفاض الإجمالي مقارنة بمستوى ما قبل الأزمة نسبة اﻠ30٪. و بالإضافة إلى انخفاض الأجور، فإن هذا الانخفاض الحاد في إجمالي رواتب العمال و الموظفين يعكس بطبيعة الحال ارتفاع البطالة خلال فترة الأزمة.

و استنادا إلى بيانات بنك اليونان، فقد انخفض دخل كل موظف بنسبة 7٪ عام 2013 و 2.1٪ عام 2014 و 2.7٪ عام 2015. و انخفض الراتب الإسمي لكل موظف من 24.3 ألف يورو عام 2012 إلى 21.8 ألفاً عام 2015، أي بانخفاض قدره 10.3٪، و هو ما يضاف للتخفيضات المطبقة في فترة 2010-2012 التي أوصلت متوسط الراتب الاسمي السنوية من 26.1 ألفاً إلى 24.3. و يتجاوز انخفاض متوسط الرواتب عند احتسابه بالأسعار الثابتة (بعد احتساب التضخم) أكثر من 20٪. واستنادا إلى بيانات مؤسسة الضمانات الاجتماعية، يصل انخفاض الحد الأدنى للأجور منذ عام 2010 نسبة 35٪.

و كانت القوة الشرائية لمتوسط الراتب الإجمالي في اليونان بالكاد تصل في عام 2014 نسبة 66٪ من متوسط القوة الشرائية لبلدان الاتحاد الأوروبي اﻠ15 الأكثر تقدما، مقارنة مع نسبة 82٪ عام 2009. و تتعاظم خسائر القوة الشرائية للعاملين بأجر، إذا ما أخذ في الإعتبار استنزافها الضريبي الجاري في السنوات الأخيرة. و مع الأخذ بعين الاعتبار لكل هذه العوامل، يمكننا التقدير بأن إجمالي خسائر مستوى معيشة العمال، يقارب و يلامس نسبة اﻠ50٪ خلال فترة الأزمة.

هذا و أسفر الهجوم على الحد الأدنى للأجور (تخفيض بنسبة 22٪ لمن تجاوز سن اﻠ25 و 32٪ للشباب تحت سن 25 عاما) عن إيصال مستوى أجور عام 2014 لتكون أقل بكثير من بدايات عقد اﻠ 1990.

و تفاقم قوانين السنوات الأخيرة و باستمرار من مستوى الراتب والدخل، الشعبيين، و معيشة الأسر العمالية الشعبية. وتعكس البيانات المقدمة، الصعوبات التي يواجهها العمال، كما و وضع الأجور وعلاقات العمل.

و يشكل العاملون براتب منخفض حوالي 60٪ من العمال. و على وجه محدد، وصلت نسبة العاملين براتب "صافٍ" تحت عتبة اﻠ1000يورو، 63.17٪. و يلاحظ في الوقت نفسه وجود انتقال نحو المستوى الأدنى في ما يتعلق بتصنيف العاملين على مختلف المستويات. حيث زادت نسبة العاملين براتب من 501 إلى 600 يورو بنسبة 13.24٪ 501- وبنسبة 10.56٪ للعاملين براتب من 601 إلى 700 يورو.

إن علاقات العمل تتفاقم بوتائر شديدة السرعة. ففي عام 2015 تجاوزت نسبة "علاقات العمل المرنة" (العمل الجزئي والمتناوب) 55٪ من الوظائف الجديدة، في حين كانت تبلغ عام 2009 نسبة 29٪ و نسبة 45% عام 2012. و يشتغل حوالي 30٪ من العاملين في القطاع الخاص في عمل جزئي، بينما يعمل 20٪ منهم أقل من 20 ساعة في الأسبوع. و في أي حال، فإن أكثر من نصف التوظيفات التي تجري اليوم يتعلق بهذه الأشكال المرنة للتشغيل، مما يؤثر بطبيعة الحال على مستوى متوسط الأجور.

وقد انخفض متوسط استهلاك الأسر في اليونان بنسبة 25٪ في الفترة 2010-2014 ويصل حد اﻠ 1.460 يورو مقارنة مع 1.950 عام 2010. وخلال الفترة ذاتها لوحظ تباين واضح في سلوك تغذية الأسرة المتوسطة اليونانية. حيث تباينت على وجه التحديد كميات الأغذية المستهلكة (على سبيل المثال، انخفض استهلاك اللحوم و الأسماك بنسبة 12٪). و في عام 2015 تواجد 40٪ من السكان في وضع حرمان مادي، و هو ما يزيد بشكل ملحوظ مقارنة مع نسبة اﻠ24٪ المسجلة عام 2010.

و انخفض معدل البطالة الإجمالي بنحو طفيف خلال السنوات الأربع الماضية، و بسبب التوسيع اﻷبعد لعلاقات العمل المطاطية سجلت عام 2018 نسبة 19.5%. ومرتفع جداً هو معدل البطالة في الفئات العمرية الأصغر سنا (15-29) حيث يقارب نسبة اﻠ40٪.  هذا و تسجل النساء معدلات بطالة أعلى من الرجال.

و تبرز حكومة حزبي سيريزا و اليونانيين المستقلين دعاية قائلة باتباعها اتجاهاً مختلفاً نحو إعادة بناء إنتاجي رأسمالي للبلاد، مقارنة مع الحكومات السابقة. و تُبرز مقترح "التنمية العادلة"، الذي يتضمن عناصر جديدة مزعومة في مجال الابتكار والجودة، واستخدام المعرفة العلمية والتكنولوجيا المتخصصة في صالح زيادة الإنتاجية، واستخدام الدولة البرجوازية المعاد بنائها، كرافعة للتنمية و على نحو رئيسي في "تعزيز المجتمع والسوق".

حيث تخفي الحكومة أن استغلال كِلا المعرفة العلمية والابتكار لزيادة الإنتاجية، لا يُستخدم ضمن الرأسمالية لتحسين وضع العمال (زيادة الدخل و تقليص وقت العمل)، بل من أجل زيادة أرباح رأس المال. حيث يُثبت ذلك من واقع زيادة عدم المساواة في الدخل و على نحو سريع، حتى في الدول التي تتربع في مواقع قيادية في استغلال التكنولوجيا الجديدة في الإنتاج و لا تتواجد في مرحلة أزمة، كبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة.

هذا و احتفلت حكومة حزبي سيريزا و اليونانيين المستقلين يوم 21 آب\أغسطس 2018 بخروج اليونان الشكلي من المذكرات. و حاولت زراعة جو من النشوة في صفوف الشعب، وهو القائل بأن حياة الشعب اليومية تتغير نحو اﻷفضل. أنها سمَّت هذا التطور بأنه "عودة الأمور إلى طبيعتها" و "بداية التنمية العادلة".

إن حكومة حزبي سيريزا و اليونانيين المستقلين تكذب حين حديثها عن "عصر جديد" بعد المذكرات، للأسباب التالية:

 

  • بقاء مئات القوانين المناهضة للشعب! مع التزامات الحكومة تجاه رأس المال والإتحادات الإمبريالية بمواصلة هذه السياسة المناهضة للشعب، والتي سوف تعود بالنفع على ما يسمى ب "التنافسية" و "ريادة الأعمال"، أي زيادة أرباح رأس المال.
  • قبول الحكومة بتوجيه ضربات جديدة للحقوق الشعبية، و هي التي ستتطبق اعتبارا من العام المقبل.
  • يمارس الاتحاد الاوروبيا رقابة واضحة عبر ما يسمى ﺑ "النصف عام الأوروبي" و "ميثاق اليورو +"، و "الميثاق المالي"، و "تعزيز الحكم الاقتصادي"، كما في البلدان الأخرى المتواجدة في الاتحاد الاوروبي من أجل مواصلة وتصعيد الهجمة المناهضة للشعب. وإلى جانب ذلك، فإن تدابير مناهضة للشعب تتخذ في بلدان الاتحاد الأوروبي الأخرى، وهي التي لم توقع مذكرات مثل اليونان.

 

ولكن حتى لو لم تكن هناك رقابة للاتحاد الأوروبي، لكان هناك و كما هو الحال في أي مجتمع رأسمالي  "رقابة" رأس المال الكبير، والاحتكارات و سعيها لزيادة ربحيتها. و لهذا السبب لا يمكن أن يكون هناك من "تنمية عادلة" في ظروف الرأسمالية.

 

حتى أنها تزعم بأنها ستقوم تدريجياً ﺑ"تصحيح الظلم" و ستقوم بإعادة عقود العمل الجماعية. في وقت قامت برفض اقتراح 530 من مراكز العمال والاتحادات والنقابات العمالية المتعلق باتفاقات العمل الجماعي، و بالاتفاق الجماعي العام الوطني مع إعادة مستوى  الراتب الأدنى إلى 751 يورو ، و هو اﻹقتراح الذي قدمه الحزب الشيوعي اليوناني في البرلمان.

 

و على هذا النحو، فإن الحقيقة هي أن سياسة الحكومة لن تقود إلى الانتعاش الجزئي من الخسائر الكبيرة التي أصابت الشرائح الشعبية خلال فترة الأزمة، بل أيضاً، ستفاقم من وضع الشعب. و في التوازي مع ذلك، تخفي الإعلانات الحكومية حول الحكم الناجز، بأن الدولة البرجوازية موظفة في صالح رأس المال وبالتالي، فإن التعديلات التي أدخلت عليها تعمل على زيادة فعالية الوظيفة المذكورة. حيث يُخدم هذا الهدف، من جهة عبر الإستنزاف الضرائبي الكبير للشعب و خفض إنفاق السياسة الاجتماعية، و من جهة أخرى، عبر دعم الدولة للمجموعات الاقتصادية المحلية و للربحية الرأسمالية، إجمالاً.

إن زيادة الضرائب غير المباشرة، و تخفيض عتبة الإعفاء من الضرائب، والحفاظ على ضربية العقارات، والحد من المعاشات التقاعدية، وزيادة مساهمات العمال في نظام الضمان. أما بالنسبة للعاملين لحسابهم الخاص والمزارعين، فتترافق الزيادة الكبيرة في أعباء الضمان الاجتماعي مع انخفاض حاد في قيمة دورة أعمالهم، الذي أدى إلى تدهور كبير في موقعهم. و على النقيض من ذلك، تساهم المجموعات الإحتكارية بأقل من 5٪ من عائدات الضرائب السنوية، حيث تمهد الحكومة لمنح مساعدات جديدة لها من خلال "قانون التنمية".

حتى أن أي انتعاش سيسجل لن يقوم بامتصاص البطالة ولن يعيد مكاسب الطبقة العاملة و حقوقها الأساسية التي انتزعت في القرن اﻠ20، إلى مستوى ما قبل الأزمة.

و تحطم جملة التطورات الوهم القائل بإمكانية إدارة الرأسمالية على نحو صديق للشعب حيث تتسق زيادة ربحية رأس المال مع رفاه العمال و صغار الكسبة. و تثبت استحالة وجود سياسة في صالح الشعب "داخل جدران" سلطة رأس المال و داخل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.

 

و أكثر من ذلك بكثير،  فقد تؤثر الأزمة الدولية المحتملة على الاقتصاد اليوناني بشكل غير متناسب. حيث تتراكم الديون على الصعيد الدولي، و منخفضة هي الربحية و ما من مجال كبير جديد لها، و تلجأ المراكز الإمبريالية إلى أدوات ما يسمى الحمائية- كتلك التي يتخذها ترامب- لحماية أرباح الاحتكارات. وبالتالي فإن المشاكل تتعاظم. إن بروز أزمة فرط تراكم رأسمالي، جديدة و أزمة عميقة هو أمر حقيقي. حيث مهيمن هو الآن، منظور احتضان الأزمة للاقتصاد الدولي بنحو أكبر. حتى أن والانفتاح الكبير للاقتصاد المحلي على مجالات، يحتمل اختبارها بشكل خاص من قبل أزمة دولية جديدة، كمجالي الشحن البحري والسياحة، قد يغدو في الفترة المقبلة "كعب أخيل" للنمو الرأسمالي

6. مهام الحزب الشيوعي

 

هام بنحو خاص و ريادي هو دور الحزب الشيوعي اليوناني والنقابات ذات التوجه الطبقي و التي تكافح من خلال صفوف  جبهة النضال العمالي (بامِه) في تنظيم الصراع العمالي الشعبي، و في إنجاز  العشرات من الإضربات - 70 إضراباً على الصعيد الوطني خلال الأزمة الرأسمالية – و مئات من المظاهرات و احتلالات الوزارات وما إلى ذلك.

هذا و كان الخط المسيطر داخل الحركة النقابية لسنوات عديدة هو خط التكيف والخضوع لاستراتيجيات الاتحاد الأوروبي. والتعاون الطبقي ، والدفاع عن التنافسية والربحية الرأسمالية. حيث جرى ضرر طويل الزمن، في وقت تمتلك قوى الإصلاحية والأرستقراطية العمالية موقعاً مهيمناً في قطاعات ذات أهمية استراتيجية، و في وحدات صناعية كبيرة وغيرها من مؤسسات (النقل، البنوك، الموانئ، الطاقة، الاتصالات والوكالات الحكومية والجامعات والتعليم إجمالاً، وما إلى ذلك). إن أي موقف انتقادي لهذه القوى تجاه الاتحاد الأوروبي أو التشكيك به، يُطمس في كثير من الأحيان في نظرياتها عن"السياسات الليبرالية الجديدة"، أو إمكانية تصحيح هذا الاتحاد الإمبريالي الدولي و تصحيح النظام من الداخل، دون إسقاط سلطة الاحتكارات.

و كانت مداخلة  الاشتراكية الديمقراطية والانتهازية المعاصرة ذات تأثير سلبي حاسم، خلال العقد السابق للأزمة، في اتجاه الحركة النقابية المنظمة، عبر "الشراكة الاجتماعية"، و "الحوار الاجتماعي". حيث تم التسويق لمنطق نهاية الصراعات الاجتماعية، ومنطق التعاون الاجتماعي بأنهار من اﻷموال الموجهة نحو المعاهد مع إنشاء أكاديميات في النقابات العمالية الأوروبية مع هيئات التشاور "المؤسساتية" داخل مواقع العمل الكبيرة.

وقد أدى ذلك إلى إلحاق ضرر كبير بضمائر العمال، وخاصة في الجزء المنظم من الطبقة العاملة.

إن خط الصراع ضد الرأسمالية  والقطع والانقلاب في القطاعات اﻷساسية ذات اﻷهمية الاستراتيجية، يمتلك حتى الآن مؤشر نفوذ منخفض. و في هذا الوضع، أثر و يؤثر الوضع السلبي للحركة النقابية الأوروبية كما و العالمية. و من هنا يُستمد استنتاج قائل أنه عندما نتحدث عن تغيير ميزان القوى و عن إعادة صياغة الحركة، فإننا لا نعني بذلك  فقط بعض المؤشرات الكمية، ولكن قيام تحولات و انقلابات في المحتوى، و في اتجاه صراع الحركة النقابية.

هذا و أسهم تأسيس جبهة النضال العمالي "بامِه" عام 1999 جوهرياً في خط الفصل والقطع مع نقابيي أرباب العمل و الحكومة في اليونان. خلاف ذلك ، فإن الأمور لكانت أسوأ بكثير وأكثر صعوبة. إن"بامِه" -التي هي تجمع في اتجاه طبقي و حركة تستند على الإتحادات و المراكز العمالية و اللجان الكفاحية و النقابيين، تشكل مكسباً هاماً للطبقة العاملة و تتصدر النضالات العمالية و الصراع الطبقي. و عبر صفوفها تتحرك  مئات المنظمات النقابية، حيث تحتل القوى المنضوية ضمن "بامِه" في المرتبة الثانية في الحركة النقابية، مع تسجيلها نسبة تتجاوز اﻠ20 %، حيث تكافح ضمن توجه طبقي عشرات اﻹتحادات و المراكز العمالية و عشرات اﻷجسام النقابية.

  • تنبثق موضوعياً مهام مصيرية من أجل إعادة تشكيل الحركة النقابية العمالية

 

 ".. تجهيز وتطوير حركة عمالية قادرة على خوض مواجهة بحزم وفعالية و ضمن تحالف مع الشرائح الشعبية من العاملين لحسابهم الخاص والمزارعين، ضد استراتيجية رأس المال المدروسة و الموحدة و ضد السلطة الرأسمالية" على هذا النحو حددنا محتوى إعادة تشكيل الحركة العمالية في المؤتمر اﻠ20 لحزبنا.

حيث تتضمن هذه المهام:

  • معالجة مطالب الصراع (لكل مجال: كالراتب، و الضمان اجتماعي ، صحة ، ساعات العمل ، إلخ) واختيار أشكال التنظيم والتحالف مع القوى الشعبية.
  • معرفة جيدة لبنية الطبقة العاملة، محاولة مواجهة التشرذم الذي يضعف صراعها، مع الصدام مع آليات وأساليب التلاعب المستخدمة من قبل البرجوازية، و التي تعزز التدخل الهادف لاحتواء الحركة العمالية.
  • قيام تقييم دقيق وموضوعي لميزان القوى و لمزاج الجماهير، ودراسة تكتيكات أرباب العمل والقوى السياسية التي تعمل في الحركة النقابية.
  • الاحتكاك اليومي والتدرُّب، مع إبداء القلق والرعاية من جانب الهيئات القيادية من أجل رفع المبادرة، والنشاط اليومي للشيوعيين، ولا سيما الشباب، في مواقع العمل، والقطاعات، والنقابات.
  • قيام عمل جماعي و فردي لصياغة روابط يومية مع الطبقة العاملة، وحتى في الفترات التي لا تظهر مباشرة نتائج واضحة، و هي الروابط التي ستتحول في شروط معينة إلى زيادة في هيبة و نفوذ الشيوعيين.
  • القدرة على الكشف - من خلال الصراع الذي سوف يتطور في نضالات صغيرة وأكبر – بنحو مقنع عن آليات الاستغلال وخاصة عن شروط إلغائها.

 

أي أننا نتطرق إلى مخطط لحشد القوى و للصراع عبر محتوى مناهض للرأسمالية، مع إدراج المطالب الجانبية فيه و هو المستند على منظمات حزبية متينة في المصانع والشركات في القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية، و هو الذي يخلق جدلياً مقدمات مضاعفة هذه المنظمات.

 

6.2  إن إبراز الحاجات المعاصرة للأسرة العمالية الشعبية، والمطالب المعاصرة هي حلقة وصل المطالب اﻷصغر مع مضمون الصراع المناهض للرأسمالية.

 

موضوعي هو اتجاه  زيادة الحاجات المعاصرة. ويرجع ذلك إلى المستوى المعاصر لتطور لقوى الإنتاج، وإنجازات العلوم وتطبيقاتها في جميع المجالات.

و يرتبط الصراع من اجل الحاجات المعاصرة، على سبيل المثال اليوم، بصياغة مطالب للحد من ساعات العمل، وزيادة وقت الفراغ والإجازات والترفيه. لقد طالب العمال بثمان ساعات عمل، ثمان ساعات راحة وثمان ساعات لوقت الاجتماعي حر، قبل قرن و نصف، والآن نعود مرة أخرى  للعمل من شروق الشمس إلى غروبها، ﻠ10 ساعات و 12 ساعة.

و هو يرتبط بعوامل متصلة بمستوى المعيشة، كنوعية وكمية الاحتياجات الغذائية، وظروف السكن و العمل، ودور التربية البدنية و الرياضة، والصحة مع التركيز على الوقاية ومعالجة المشاكل البيئية والأمراض المهنية، و ارتفاع متوسط العمر المتوقع، والثقافة و ما إلى ذلك. و يرتبط أيضاً، بالبنى التحتية والوسائل اللازمة لتغطيتها.

إن تغطية الحاجات الشعبية المعاصرة ممكن اليوم من الناحية الموضوعية، في كل بلد يملك إمكانيات تنموية، كوسائط تكنولوجية، و قوة عاملة مختصة، و أساليب التنظيم الحديث للإنتاج، و ما إلى ذلك.

إن خلافنا مع الأحزاب البرجوازية من ناحية المطالب، لا يتواجد على سبيل المثال، فقط في كمية الحقوق، بل يصل على نحو أعمق، و يلامس المنظومة اﻹجتماعية بعينها. و هكذا، على سبيل المثال، فإننا في مجال الصحة لا نطالب فحسب بخدمات مجانية أفضل، بل و أيضا بأولوية الوقاية وإعادة التأهيل الناجز، أو في مجال التعليم حيث لا نطالب فقط بكتاب مجاني لجميع المستويات التعليمية، بل و في المقام الأول بمحتوى مختلف جذريا لهذه الكتب، و أساليب وأشكال للتعليم مختلفة جذرياً بهدف إنجاز التربية الشاملة للأطفال.

وبالمثل، فيما يتعلق بالجبهة ضد البطالة، و على نحو أبعد من عرض مطالب حماية العاطلين عن العمل، فإننا نؤكد على مطالب العمل الثابت مع حقوق و مع إمكانية الحد من وقت العمل وأخيرا مع مقدمات القضاء على البطالة. نظراً لوجود عدد كبير من العاطلين عن العمل، و خاصة في سن الشباب و لوجود مشاكل خاصة بمشاركتهم في الحركة النقابية العمالية.

حيث يتواجد جوهر رؤيتنا للحاجات الشعبية المعاصرة في كل ما ذكر أعلاه على نحو موحد، مع علمنا بالطبع، أنه و الرغم من حقيقة تشكيلها اليوم لموضوع مطلبي، إلا أن إطار الرأسمالية لا "يتسع"لإرضائها بالكامل، بل يشترط قيام التملك الاجتماعي لوسائل الإنتاج الممركزة وإدراجها في تخطيط مركزي علمي للإنتاج.

 

6.3          الحركة العمالية والحرب الإمبريالية.

 

و تتمثل مسألة ذات أهمية مميزة في الصراع  ضد الحروب و المخططات الإمبريالية، ضد التحالفات الإمبريالية، ضد القومية والفاشية، و هي عبارة عن عنصر أساسي في صراعنا و في نشاط النقابات ذات التوجه الطبقي. حيث تتواجد بثبات ضمن توجهنا، حملات اتحاد النقابات العالمي  على المستوى الدولي، كما وفي اليونان حملات النقابات المنضوية ضمن "بامِه"، ضد حلف شمال الأطلسي، و من أجل إغلاق القواعد الأمريكية و التضامن مع جميع الشعوب المكافحة، و من أجل دعم اللاجئين.

و ذلك مع العمل اليومي الأيديولوجي السياسي لاستيعاب الموقف القائل بعدم وجوب انضواء الحركة العمالية تحت راية اجنبية،  تحت راية الطبقة البرجوازية في حرب امبريالية محتملة، بل من اجل كفاحها في جميع الحالات لإسقاط سلطة البرجوازية، التي تجلب طالما هي باقية، الحرب والسلام مع فرض مسدسها على رأس الشعوب.

 

6.4      يبرز الحزب الشيوعي اليوناني تعزيز النشاط النقابي المنظم، كعنصر من عناصر إعادة التشكيل.

 

و ذلك مع وضعه أهداف محددة مثل:

 

  • تحسين مستوى تنظيم الطبقة العاملة عبر إضفاء السمة الجماهيرية على النقابات الموجودة سلفاً. إن نسبة مشاركة العاملين في نقابات اليونان، لا يتجاوز حاليا اﻠ25٪ و هو في تناقص مستمر. كما و هناك تراجع في تنظيم ومشاركة النساء والمهاجرين. إن انخفاض مستوى تنظيم الطبقة العاملة هو إحدى المشاكل الرئيسية التي نواجهها. إن الوضع الفعلي هو أسوأ من ما يتبدى عبر البيانات والإحصاءات الرسمية. و على نحو أسوأ من ذلك هو وضع درجة التنظيم في نقابات و اتحادات حركتي العاملين لحسابهم الخاص والمزارعين.
  • قيام عمل ثابت للنقابات باعتباره معياراً أساسياً لعملية إعادة التشكيل. و هو ما يتضمن سير عمل مجالس إداراتها، و إبراز أهمية الجمعية العامة و الحفاظ عليها باعتبارها عملية دراسة جماعية و فحصاً لوضع مواقع و قطاعات العمل و تخطيط الصراع، مع اﻹعلام المستمر للعمال كما و إيجاد أساليب و صيغ لتسهيل مشاركتهم. حيث ينبغي أن تكون النقابات التي تغلب فيها القوى ذات التوجه الطبقي، نموذجاً للوظيفة الديمقراطية و أن تنشغل بكافة أوجه حياة العمال.
  • قيام عمل سياسي أيديولوجي تنظيمي منهجي، من اجل تغيير ميزان القوى لصالح القوى ذات التوجه الطبقي.
  • تعزيز التضامن والمساعدة المتبادلة و الدعم الطبقي نحو الأسرة العمالية الشعبية و كل عامل. حيث ثبتت تاريخيا إمكانية أن يشكل هذا التعزيز و خصوصا خلال الظروف الحرجة والأزمات والفقر الجماعي، والبطالة، والحروب، عنصرا أساسيا في تفعيل و حشد جماهير جديدة. حيث يُستهان بأمره في كثير من الأحيان و يكتسب طابعاً إجرائياً تحت ضغط الصعوبات الناجمة عن غياب الروابط و عدم استخدامه كأداة لتحسين تلك الروابط. حيث هناك أهمية خاصة للعمل الذي جرى مع العاطلين عن العمل و مع مهاجرين استقروا بشكل دائم في بلدنا.
  • تعزيز الاتحاد العالمي لنقابات العمال على المستوى الدولي والأوروبي ، وتعزيز منظماته القطاعية عبر انضمام نقابات و اتحادات جديدة ، وتعزيز المبادرات والصراع المنسق، والتعبير العملي عن التضامن مع  نضالات العمال، و مع الشعوب التي تكافح ضد التدخلات والحروب الإمبريالية.

 

6.5       عن البناء الحزبي

 

 تتمثل مسألة مصيرية في كيفية نشاط و بناء الحزب ليكون بمثابة مرشد للصراع الطبقي، كمرشد لحركة الجماهير الشعبية من أجل المسائل اليومية الجانبية، كما و أيضا في مسائل المنظور العام، أي إجمالاً لتشكيل الظروف الذاتية للنضال المناهض للرأسمالية و الاحتكارات من أجل الاشتراكية – الشيوعية.

إننا نعلم جيداً  بأن النضال الاقتصادي في حد ذاته لا يقود إلى الصراع السياسي الثوري، و لهذا السبب، علينا خلال النضال من أجل حل المشاكل اليومية التي تواجه الطبقة العاملة وحلفائها الاجتماعيين، ألا نفقد الأمر الرئيسي، و هو خوض صراع أيديولوجي سياسي مخطط و عازم على الفهم الأعمق لضرورة الإلغاء التام للاستغلال وبناء المجتمع اللا طبقي.

و تنبع الصعوبة في علاقة الحزب مع الحركة النقابية على حد السواء في الممارسة السياسية كما و كمسألة نظرية، من واقعة أن الحزب الشيوعي بعينه هو صيغة التعبير الأرقى و الواعية عن الحركة العمالية. و بالتالي، فعند الإشارة إلى حركة الطبقة العاملة، لا يسعنا إلا أن نشير إلى الحركة الشيوعية.

و مع ذلك، تتواجد و ستتواجد صيغ أدنى لتنظيم الطبقة العاملة من ناحية تشكيلها و وحدتها الأيديولوجية و البرنامجية و التنظيمية، في الظروف اللاثورية و ظروف الصعود الثوري و خلال فترة البناء الإشتراكي.

و تلعب النقابات دوراً و تؤثر عموماً أشكال التنظيم الأدنى، في تشكيل الوعي الطبقي للطبقة العاملة. و لذا، فإن قيام التدخل المتواصل و الحاسم لقوى الحزب الشيوعي في الصراع من أجل توجه الحركة العمالية النقابية ضمن أية ظروف، أثورية كانت أم سوى ذلك.

و على نحو موضوعي، ليس من نقابات حيادية سياسياً. حيث يسيطر ضمن هذه، إما خط التعاون الطبقي لنقابيي أرباب العمل و الحكومة، أو خط التيار الإصلاحي الانتهازي أو خط الصراع المناهض للرأسمالية و الاحتكارات. و بالتالي، فإن للصراع الأيديولوجي السياسي داخل الحركة، أهميته من أجل تحقيق هدف تنظيم قطاع مهم من الطبقة العاملة في توجه مناهض للرأسمالية و لتعميق و توسيع روابط الطبقة مع الحزب.

و نظراً لكل ما ذكر أعلاه، فإن علاقة الحزب بالمنظمات العمالية الجماهيرية هي من ذات الأمور، معقدة للغاية. حيث أضنت محاولة توصيف هذه العلاقة الحركة الشيوعية الأممية، و ترافق ذلك في كثير من الأحيان مع تبني أخطاء و رؤى مطلقة، على مستوى التعميم النظري و ضمن الممارسة، أيضاً.

 إن العامل الرئيسي الذي يحدد دور الحزب و نجاعته ضمن الحركة العمالية والصراع الطبقي، هو نمو الحزب تنظيمياً ضمن الصناعة ، ضمن القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية، في ترابط مع تنامي قوته و نفوذه في الجمهور الكبير من الطبقة العاملة ولا سيما في قطاعاتها الأكثر فتوةً.

و في هذا السياق، هناك أهمية مميزة للقدرة على التغلغل في القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية و القطاعات الصاعدة في الاقتصاد.

  • تحسين نسبة العمال و العاملات، الصناعيين ممن يعملون في الشركات الكبيرة ذات الأهمية الاستراتيجية.
  • تعزيز التركيبة الاجتماعية للحزب في نسبة العمال والعاملات.
  • تحسين التركيبة العمرية من خلال زيادة التجنيد من الشبيبة الشيوعية وأعمار 18-40 عاما.
  • زيادة تجنيد النساء وتعزيز نسبتهن الإجمالية في الحزب بأكمله و في هيئاته القيادية.

واستناداً إلى هذه المعايير التي حددها المؤتمر اﻠ20 للحزب الشيوعي اليوناني، نقوم بقياس نجاعة تدخلنا في كل عمل و تحرك ونشاط.

و  نعزز عملنا في صفوف الطبقة العاملة و من أجل إعادة صياغة الحركة العمالية وبناء تحالف اجتماعي قوي، تحالف الطبقة العاملة مع صغار و متوسطي المزارعين و مع صغار الكسبة في المدن، و هو الذي سيكافح في اتجاه مناهض للرأسمالية  و الاحتكارات. إننا  نبذل قصارى جهدنا لإعادة بناء الحركة الشيوعية الأممية على أساس ثوري. و عبر هذه الأهداف ، نخطط لعملنا في فترة معقدة.

إننا على دراية بالصعوبات ونحن عازمون على محاربتها عبر تنظيم جيد، مستغلين قوة الطبقة العاملة. و مع عملنا، نخلق مقدمات الهجوم المضاد عبر أكثر المقدمات لهذه القضية، جدية و يقيناً. و هي تعزيز الحزب الشيوعي اليوناني  تنظيمياً و أيديولوجياً و سياسياً، و في المقام الأول ضمن صفوف الطبقة العاملة.

إنها ساعة حشد القوى و ساعة الصراع  مع محتوى مناهض للمجموعات الإقتصادية، و مناهض للرأسماليين وحكوماتهم، عبر مخطط مستند على منظمات متينة للحزب الشيوعي اليوناني و شبيبته في المصانع والشركات في القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية في مجال الطاقة الكهربائية، والاتصالات، والنقل العام، و المطارات و الموانئ و المراكز التجارية، و الوحدات الصحية و مؤسسات الرعاية الاجتماعية. و في الوقت نفسه، في صفوف العاملين لحسابهم الخاص في المدينة والمزارعين في الريف، و مواقع تعليم الشباب، و أمكنة تجمع شباب الأسر العمالية الشعبية.

و من خلال تعزيزنا الحزب الشيوعي اليوناني، نكرِّم ذكرى 100عام لحزبنا البطل، و قتلاه الذين لا يُحصون، و نعزز التضامن اﻷممي واضعين في الممارسة  شعار: يا عمال العالم اتحدوا.

إن الضرورة هي أن تعزز الأحزاب الشيوعية صراعها في كل البلدان، لتغدو أحزاباً عمالية جماهيرية، منظمة و مرشدة لصراع ملايين المضطهدين، من أجل إسقاط النظام الرأسمالي المتعفن الذي يلد حصراًَ: الفقر و الحروب الإمبريالية و الدمار والنزوح، من أجل الاشتراكية - الشيوعية!


 

[1]    من مقال فريدريخ إﻧﮔلز المنشور في «ديموكراتيسِس فوخِنبلات» الصادرة في لايبزغ  بتاريخ 21 و28 آذار\ مارس1868.

[2]    كارل ماركس "رأس المال" المجلد الثاني، "دار الفارابي"، صفحة: 69 – 70.

[3]    فريدريخ  إﻧﮔلز: حال الطبقة العاملة في إﻧﮔلترا.

[4]    ف.إ. لينين: "الإنتخابات من أجل الجمعية التأسيسية و ديكتاتورية البروليتاريا".

[5]    ف.إ. لينين: من مقال "المبادرة العظيمة" الذي كتبه بتاريخ 28 حزيران\ يونيو 1919 بعنوان ثانوي: “عن بطولة العمال في الخطوط الخلفية للجبهة، بمناسبة السبوت الشيوعية".

[6]    كارل ماركس و فريدريخ  إﻧﮔلز: البيان الشيوعي، الفصل الأول: برجوازيون و بروليتاريون